جيش الاحتلال يغرق في جنوب غزة.. ويورّط واشنطن بـ«جبهة في البحر»

خلاف أميركي – إسرائيلي على مصير القطاع.. والاحتلال يُقر بعجزه عن هزيمة حماس في الشمال

تخوض المقاومة الفلسطينية معارك شرسة مع قوات الاحتلال الإسرائيلية المتوغلة في جنوب قطاع غزة على أطراف خان يونس، ودير البلح في الوسط، وفي حي الشجاعية شرق مدينة غزة، تزيد من غرق جيش الاحتلال في الالتحامات والكمائن والهجمات من المسافة صفر، حيث تكبد العدو خلال الـ24 ساعة الماضية خسائر كبيرة في جنوده وآلياته فيما اعترف أمس بأنه لم يهزم حماس في شمال القطاع بينما أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في إشارة إلى الخلاف الأميركي الإسرائيلي على مصير القطاع بعد الحرب لنواب بالكنيست ومسؤولين أميركيين أنه لن تكون هناك سلطة فلسطينية في غزة مطلقا.

وفي “جبهة البحر” التي باتت تشكل تحديا كبيرا للولايات المتحدة الأميركية ومعها إسرائيل اعترف البيت الأبيض أمس بمدى خطورة تصعيد استهداف السفن في البحر الأحمر متهما إيران بالدعم الكامل للهجمات الحوثية هناك.

وذكرت أنها فجّرت آلية عسكرية إسرائيلية بعبوة “ثاقب”، واستهدفت آليتين أخريين بقذائف التاندوم بمحور التقدم شرق مدينة غزة.

واستهدفت المقاومة الفلسطينية حشود الجيش الإسرائيلي بعدة محاور في القطاع، وأعلنت كتائب القسام عن اشتباكها مع قوة راجلة للاحتلال، وقتلها وإصابتها عددا منهم في منطقة الفالوجا شمال قطاع غزة.

وأوضحت أنها استهدفت الجنود بعبوة أفراد وأجهزت على من تبقى منهم من مسافة صفر، وأضافت أنها قتلت جنودا إسرائيليين من مسافة صفر أيضا بمنطقة الشيخ رضوان.

وقصفت كتائب القسام قوة إسرائيلية خاصة متحصنة داخل مبنى شرق بيت لاهيا بقذيفة “تي بي جي”.

كما قالت سرايا القدس إنها قصفت حشودا عسكرية إسرائيلية في محاور التقدم بمنطقة جحر الديك بعدد من قذائف الهاون.

في المقابل اعترف جيش الاحتلال الإسرائيلي أمس بمقتل 3 جنود وإصابة رابع بجروح خطيرة في معارك شمال ووسط قطاع غزة.

إلى ذلك أعلنت كتائب القسام أنها قصفت تل أبيب برشقة صاروخية، ردا على المجازر الإسرائيلية بحق المدنيين، وأفادت بأنها قصفت مستوطنتي نتيفوت وسديروت، فضلا عن بئر السبع المحتلة، برشقات صاروخية.

وقد توغّلت عشرات الآليات العسكرية الإسرائيلية أمس  في جنوب قطاع غزة المحاصر الذي وسّع الجيش الإسرائيلي عملياته البرية في اتجاهه، رغم وجود مئات آلاف المدنيين فيه، وسط تصاعد المخاوف من تمدّد النزاع في المنطقة.

وذكر شهود  أن عشرات الدبابات وناقلات الجنود والجرافات العسكرية الإسرائيلية توغلت في بلدة القرارة شمال شرق مدينة خان يونس.

وقال أمين أبو هولي (59 عاما)، وهو من سكان منطقة القرارة، إن “عشرات الدبابات وناقلات الجند والجرافات العسكرية توغلت حوالى ألفي متر في بلدة القرارة”، موضحا أن الدبابات دخلت “من بوابة كيسوفيم العسكرية الإسرائيلية (…) وهي تتمركز في منطقة أبو هولي غرب طريق صلاح الدين” الذي يصل بين شمال القطاع وجنوبه.

وقال معاذ محمد (34 عاما)، وهو صاحب محل أحذية يسكن البلدة، “هربنا عصر أمس أنا وزوجتي وأطفالي الثلاثة وأبي وأمي. الدبابات الآن تتواجد على جانبي طريق صلاح الدين وتغلقه بالكامل على مفترق المطاحن بين دير البلح وخان يونس، وتطلق قذائف والرصاص باتجاه أي سيارة أو أي مواطن يتحرك بالمنطقة”.

وكان المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري أعلن أن “الجيش الإسرائيلي يواصل توسيع عمليته البرية ضد حماس في كل أنحاء قطاع غزة”، مضيفا “الجيش يعمل في كل مكان توجد فيه معاقل لحماس”.

وأسفرت غارة على مدخل مستشفى كمال عدوان في شمال مدينة غزة امس عن سقوط عدد من الشهداء وفق وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.

واتهمت حكومة حماس في بيان الجيش الإسرائيلي بارتكاب “انتهاك خطير” للقانون الإنساني الدولي.

كما طال القصف وفق مصورين ومراسلين لفرانس برس، خان يونس ورفح في الجنوب، ومنطقة دير البلح في الوسط، وغيرها من المناطق، وسقط العديد من الشهداء والجرحى.

ويحذّر جيش الاحتلال الإسرائيلي يوميا السكان عبر منشورات يلقيها جوا من “هجوم رهيب وشيك” في خان يونس ومحيطها، داعيا السكان إلى المغادرة.

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي جوناثان كونريكوس في مؤتمر صحافي امس “نحن لا نحاول تهجير أي شخص كما لا نحاول نقل أي شخص من أي مكان بشكل دائم”.

وأضاف “طلبنا من المدنيين إخلاء ساحة المعركة وقمنا بتوفير منطقة إنسانية داخل قطاع غزة” في إشارة إلى منطقة “المواصي” الساحلية، مقرا في الوقت نفسه بأن الوضع في قطاع غزة “صعب”.

ومع توسيع إسرائيل لعملياتها العسكرية في قطاع غزة، أعرب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك نهاية الأسبوع عن قلقه كون مئات الآلاف من سكان قطاع غزة “محصورون في مناطق أصغر من أي وقت مضى” في جنوب القطاع.

وأضاف “لا يوجد مكان آمن في غزة”.

من جهتها قالت وزارة الصحة في قطاع غزة أمس إن ما لا يقل عن 15899 فلسطينيا، 70 بالمئة منهم نساء وأطفال، استشهدوا في الغارات الإسرائيلية على غزة منذ السابع من تشرين الأول.

وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة إنه أمكن خلال الساعات الماضية انتشال 316 شهيدا و664 جريحا فقط من تحت الأنقاض ونقلهم إلى المستشفيات، لكن الآلاف ما زالوا تحت الأنقاض.

وأعلن الاحتلال أمس مقتل ثلاثة جنود الأحد في شمال قطاع غزة، ما يرفع حصيلة القتلى الجنود إلى 75 منذ بدء العملية البرية وإلى 401 منذ بدء الحرب في السابع من تشرين الأول، بينهم الجنود الذين قضوا في هجوم حماس وجنود احتياط وعناصر أمن.

وبحسب الجيش، لا يزال 127 رهينة محتجزين في قطاع غزة بعد إطلاق سراح 105 رهائن، بينهم ثمانون أطلق سراحهم لقاء الإفراج عن 240 أسيرا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية خلال أسبوع الهدنة.

وعلى الصعيد الصحي في القطاع تعاني مستشفيات الجنوب فوضى عارمة في ظل تدفق أعداد كبيرة من الجرحى تفوق قدرتها الاستيعابية فيما نفدت مخزونات الوقود فيها لتشغيل مولدات الكهرباء.

ففي مستشفى ناصر بخان يونس، وهو الأكبر في جنوب القطاع، تُنقل بعد كل عملية قصف أعداد كبيرة من الجرحى والشهداء من دون أن يتمكن أحد في غالب الأحيان من تحديد هويتهم.

وقال الناطق باسم منظمة الأمم المتحدة للأطفال (يونيسف) جيمس إلدر من مستشفى ناصر “يخونني التعبير لوصف الفظائع التي تطال الأطفال هنا”. 

وكان كتب في وقت سابق على منصة “إكس” (تويتر سابقا) “أرى أطفالا يصلون بأعداد كبيرة بين الضحايا”.

ووصف رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بأنها من أكثر الحملات العسكرية دموية ضد الفلسطينيين منذ العام 1948.

وأشار أشتية إلى أن بيانات الأمم المتحدة أكدت أن 312 أسرة فلسطينية فقدت 10 أفراد أو أكثر في القصف الإسرائيلي، في حين فقدت 594 أسرة ما بين شخصين وخمسة أشخاص.

وحول مقترح إنشاء منطقة عازلة في قطاع غزة، قال إن المناطق العازلة تقضم مساحة القطاع، وأن مساحة غزة بحاجة إلى توسعة استناداً إلى قرارات الأمم المتحدة، حيث كانت مساحتها حوالي 555 كم مربع واليوم مساحتها 364 كم مربع.

في الضفة الغربية المحتلة، استشهد فلسطينيان فجر أمس برصاص إسرائيلي خلال عملية عسكرية للجيش في مدينة قلقيلية، وفق ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي الذي قال إنه كان يردّ على إطلاق نار استهدفه.

وفي مخيم قلنديا للاجئين الفلسطينيين شمال القدس، جرح ستة أشخاص “خلال اقتحام قوات الاحتلال” للمخيم، بينها إصابتان بالرصاص الحي، وفق جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.

وقال الجيش إنه اعتقل خلال عملياته التي طالت أنحاء متفرقة من الضفة الغربية خلال الساعات الماضية “29 مطلوبا… بينهم خمسة ينتمون إلى حماس”، مشيرا إلى “مصادرة عشر قطع من السلاح”.

وعلى خلفية الحرب في قطاع غزة، تستهدف عمليات مجموعات موالية لإيران التي تدعم حركة حماس وتحمل واشنطن مسؤولية الحرب بسبب دعمها لإسرائيل، مصالح وتواجد للولايات المتحدة في المنطقة. فيما يهاجم الحوثيون اليمنيون سفنا في البحر الأحمر.

وأعلنت واشنطن أن مدمرة أميركية أسقطت ثلاث طائرات مسيّرة الأحد خلال محاولتها وقف هجمات من اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر.

وكان المتمردون الحوثيون أعلنوا في وقت سابق أنهم نفذوا “عملية استهداف لسفينتين إسرائيليتين في باب المندب”، الممر البحري الاستراتيجي الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن.

وقال البيت الأبيض أمس إن الهجوم على ثلاث سفن في البحر الأحمر مطلع هذا الأسبوع يشكل تهديدا للسلام والاستقرار الدوليين.

وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جيك سوليفان خلال مؤتمر صحفي إن واشنطن “لديها ما يدعو للاعتقاد بأن هذه الهجمات كانت مدعومة بالكامل من إيران رغم أن الحوثيين هم من نفذوها في اليمن”.

وفي العراق قتل خمسة عناصر على الأقل من فصيل عراقي موالٍ لإيران منضوٍ في الحشد الشعبي بـ”ضربة جوية” مساء الأحد في محافظة كركوك، وسط تأكيد مسؤول عسكري أميركي تنفيذ ضربة “دفاع عن النفس”.

في المواقف قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيحاكم في نهاية المطاف باعتباره مجرم حرب بسبب الهجوم الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة. كما انتقد أردوغان دول الغرب بسبب دعم إسرائيل.

وفي كلمة أمام اجتماع لجنة لمنظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول، قال أردوغان إن الدول الغربية التي تدعم إسرائيل تقدم لها “دعما غير مشروط لقتل الأطفال” وتتواطأ في جرائمها.

وأضاف “إلى جانب كونه مجرم حرب، فإن نتنياهو، الذي صار الآن سفاح غزة، سيُحاكم باعتباره سفاح غزة، تماما مثلما حوكم ميلوسيفيتش”، في إشارة إلى الرئيس اليوغسلافي السابق سلوبودان ميلوسيفيتش الذي حوكم بتهم ارتكاب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب أمام محكمة في لاهاي.

وقال أردوغان “أولئك الذين يحاولون التغاضي عن مقتل كل هؤلاء الأبرياء باستخدام ذريعة حماس لم يبق لديهم ما يقولونه للإنسانية”، في إشارة إلى قوى غربية وصفها بأنها “عمياء وصماء”.

وقال أردوغان، إن ما يسمى بمجموعة الاتصال للدول الإسلامية، التي شكلتها منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية الشهر الماضي لإجراء محادثات بشأن غزة مع الدول الغربية وغيرها، ستواصل المناقشات حتى يتوقف القتال في غزة، لكنه أشار إلى أن هناك مزيد من الجهود التي ينبغي أن تُبذل.

إلى ذلك قال مسؤول في المخابرات التركية أمس إن تركيا حذرت إسرائيل من “عواقب وخيمة” إذا حاولت ملاحقة مسؤولين من حركة حماس خارج الأراضي الفلسطينية بما في ذلك في تركيا.

وأضاف المسؤول “تم توجيه التحذيرات اللازمة للمحاورين بناء على أنباء تتعلق بتصريحات لمسؤولين إسرائيليين، وجرى إبلاغ إسرائيل بأن (مثل هذا التصرف) ستكون له عواقب وخيمة”.

وكان رئيس جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) رونين بار قال في تسجيل بثته هيئة البث العامة الإسرائيلية يوم الأحد إن إسرائيل ستلاحق حركة حماس في لبنان وتركيا وقطر حتى لو استغرق الأمر سنوات.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *