شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الدولة المتواطئة بحقارة

أن ترتفع الفاتورة الغذائية بنسبة 139 في المئة في الأشهر الأربعة الأخيرة، وأن يكون الحد الأدنى لمتطلبات العيش اللائق لا يقلّ عن 40 مليون ليرة شهرياً، ليس بالأمر المفاجىء مع هكذا دولة مسخ تنتفخ فيها بطون المتخَمين، أما الناس فتنام على طوىً… إنها دولة الفاسدين الذين يمتصون دماء الناس ويستنفدونهم جهداً وعرقاً ولقمةً مغمّسةً بالإذلال هيهات أن تتوافر.

ليس في هذه الدولة من كبيرها الى صغيرها مسؤول واحد يتحسّس آلام الناس وجوع الناس والظلامة المحيقة بالناس، في وقت لا يزال الفاسدون يعتصرون ضرع بقرة الوطن حتى آخر قطرة.

ألا يوجد في هذه الدولة الشمطاء مسؤول واحد (من رئيس الى وزير الى مدير الى جهة رقابية الخ…) يسأل مع الناس:

كيف قفزت أسعار السلع الغذائية، هذه الأيام، صعوداً صاروخياً عمّا كانت عليه يوم لامس الدولار الأميركي عتبة الـ 150 ألف ليرة؟!.

وكيف يُسمح لمحطات المحروقات أن تقرّر، كلٌّ منها، تسعيرة خاصة بها للورقة الخضراء إزاء عملتنا الوطنية البائسة، اذ يختلف الرقم من محطة الى أخرى في الوقت ذاته، بحيث باتت كل محطة تحدد سعر الدولار وفق «بورصتها» الخاصة؟

وأين وزارة الاقتصاد من فاتورة الاشتراك في التيار الكهربائي التي تقذفها عصابات مافيات المولّدات في وجه المستهلك المغلوب على أمره بأرباح خرافية؟!.

وعلى أي أساس، وبأي منطق، يُتّخَذ قرار تدفيع صاحب هاتف الخلوي مبلغاً مرقوماً لأنه تلقاه هدية قدّمها إليه قريب أو نسيب أو صديق من الخارج قبل سنوات عديدة، فصار مطلوباً منه أن يدفع ثمن هذه الهدية من اللحم الحي، وبرسوم جمارك هذا الزمن الرديء، ليوازي الرسم المطلوب مرتّب صاحبه الشهري؟ والسؤال: لماذا سمح المسؤولون بإدخال أجهزة  الهاتف في حينه؟ ولماذا لم يتقاضوا الرسم الجمركي آنذاك؟ ولماذا على المواطن أن يدفع (في هذه الضائقة الخانقة) ثمن تخاذل هذه الدولة المسخ، التي ليس فيها من أسُس الدولة ومقوِّماتها سوى التسمية المبهبطة عليها؟!.

ولماذا لا يزال الفاسدون سارقو اللقمة من الأفواه الجائعة وماصّو دماء الأجسام الهزيلة، يتمادون في غيهم وجشعهم وجرائمهم العلنية الموصوفة من دون أن يقول لهم أحد: ما أحلى الكحل في عيونكم؟!.

هذه المسمّاة، تجاوزاً، دولة ليس لها مثيل في أي بلد من العالم، أيّاً كان نظامه، بفسادها وفشلها وتواطُئها ضدّ مصالح شعبها… مع الاعتذار عن لفظة «شعب»… إذ إن هذه المجموعات من الناس ليست سوى عبيد يخنعون أمام أسيادهم الغارقين في الفساد حتّى قلوبهم المتحجّرة، ورؤوسهم المقفَلة إلّا على الفساد، وآذانهم الطويلة.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *