هل يتراجع نتنياهو عن فكرة “إسرائيل الكبرى” ويقبل مبدأ “الأرض مقابل السلام”؟
بقلم سمير الحاج..
بعد تصاعد الضغوط الأميركية على سوريا ولبنان للدخول في مسار تسوية شاملة مع إسرائيل يطرح السؤال نفسه بقوة: هل باتت المنطقة أمام إعادة إحياء شعار “الأرض مقابل السلام” الذي دفنته الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة منذ أكثر من عقدين أم أن نتنياهو سيستمر في نهجه القائم على فرض وقائع ميدانية لا رجعة عنها؟
الواقع أن إسرائيل في عهد نتنياهو لم تتخلَّ يومًا عن فكرة “إسرائيل الكبرى” الممتدة من النهر إلى البحر بل ترجمتها عمليًا عبر التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية وفرض السيطرة الأمنية الكاملة على القدس ومحاولة عزل غزة عن محيطها العربي. غير أن التحولات الأخيرة في الموقف الأميركي الذي يزداد قلقًا من تمدد النفوذ الإيراني وتصاعد المقاومة في أكثر من جبهة قد تدفع واشنطن لإعادة هندسة خريطة التوازنات عبر فرض تسويات سياسية على حلفائها وخصومها معًا.
أما نتنياهو فبين مطرقة الضغط الأميركي وسندان الانقسام الداخلي قد يجد نفسه مضطرًا لتجميل موقفه بحديث عن “سلام شامل” أو “تسوية تاريخية” لكنه لن يتنازل فعليًا عن جوهر مشروعه القومي القائم على تفوق الدولة اليهودية ورفض الانسحاب من الأراضي المحتلة. فهو يعتبر أن أي انسحاب من الضفة أو الجولان يشكل خطرًا وجوديًا لا سياسيًا فحسب.
من هنا، فإن الحديث عن “معاهدة سلام” مع سوريا أو لبنان يبدو في هذه المرحلة أقرب إلى مناورة سياسية منه إلى تحول استراتيجي. فإسرائيل تريد سلامًا بلا ثمن وأمنًا بلا التزامات واعترافًا بلا انسحاب. بينما تبقى الشعوب العربية متمسكة بحقوقها وبالمعادلة التي أثبتت التجارب صحتها: لا سلام من دون عدالة ولا عدالة من دون أرض.
وفي هذا السياق تؤكد جمعية اللجان الأهلية في طرابلس رفضها القاطع لأي تسوية أو اتفاق لا يقوم على الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. وترى الجمعية أن الضغوط الأميركية ليست إلا محاولة لإعادة تعويم المشروع الصهيوني بثوب جديد وأن وحدة الموقف العربي والمقاومة تبقى السدّ المنيع أمام أي مخطط يستهدف هوية المنطقة وحقوق شعوبها.
