بين دعوة بري للحوار وقرار الحكومة لبنان أمام اختبار السلاح ام الدولة ..
بقلم سمير الحاج .
أمام دعوة بري للحوار في ظل قرار الحكومة اللبنانية القاضي بالتشديد على مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة يجد لبنان نفسه أمام مفترق طرق حاسم يضع القوى السياسية والشعب اللبناني أمام مسؤوليات كبرى.
إننا نؤكد بدايةً أن الحوار هو الطريق الوحيد لتجنيب لبنان منزلقات الانقسام والفتن وهو الإطار الطبيعي لإيجاد تسوية وطنية شاملة فالتجارب أثبتت أن لا حلول تفرض بالقوة أو بالإملاءات الخارجية وأن لا خيار سوى الجلوس إلى طاولة واحدة لمناقشة الملفات الجوهرية بروح منفتحة ومسؤولة
لكن في المقابل فإن مسألة السلاح وحصريته بيد الدولة ليست مسألة تقنية أو إدارية بل قضية وطنية استراتيجية ترتبط بأمن لبنان القومي وبقدرته على مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية كما ترتبط في الوقت نفسه بحق الدولة الدستوري في بسط سلطتها على كامل أراضيها وحماية مواطنيها.
من هنا فإن أي بحث في هذا الملف يجب أن يوازن بين أمرين:
- ضرورة تعزيز الدولة ومؤسساتها الشرعية لتكون المرجع الأول والأخير في حماية الوطن وإدارة أمنه.
- الحفاظ على عناصر القوة التي يمتلكها لبنان في مواجهة إسرائيل شرط أن تكون ضمن استراتيجية دفاعية وطنية متفق عليها وتحت مظلة الدولة.
إننا نرى أن مسؤولية القوى السياسية اليوم هي الانتقال من منطق المزايدات والتجاذبات إلى منطق بناء الدولة الجامعة. فالتشدد في المواقف لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسام فيما المطلوب هو صياغة رؤية مشتركة تضمن حماية لبنان وتعيد الاعتبار لمؤسساته وتحقق الشراكة الحقيقية بين جميع مكوناته.
إن اللبنانيين الذين أنهكتهم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والمالية يتطلعون إلى حوار صادق يضع حداً للانهيار ويؤسس لمرحلة جديدة من الاستقرار وأي تلكؤ أو مماطلة في هذا الاتجاه لن يخدم إلا مشاريع الفوضى والتفكك.
وعليه فإننا ندعو جميع الأطراف إلى التعامل بجدية مع دعوة الرئيس بري والانخراط في حوار وطني شامل وصريح يكون بوابة لاستعادة الثقة بالدولة وصياغة استراتيجية دفاعية واضحة تكرّس مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة من دون التخلي عن عناصر القوة في مواجهة العدو الإسرائيلي.
ونحذر في الوقت نفسه أن استمرار الانقسام وإضاعة الفرص المتاحة سيؤدي بلبنان إلى منزلقات خطيرة قد تفقده سيادته وتجعله ساحة مفتوحة أمام مشاريع الخارج. إن الوطن في خطر داهم وأي تساهل أو تعطيل للحوار سيحمل الجميع مسؤولية تاريخية أمام الشعب والأجيال القادمة.