أبي المنى حذّر في إفطار مشيخة العقل من “استقواء أي مجموعة وطنية على أخرى”

نبّه شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي أبي المنى إلى خطورة استقواء أي مجموعة وطنية على أخرى، مهما كانت الدوافع والمبررات، انطلاقا من وحدة داخلية محصنة بجيش قوي وإرادة شعبية متماسكة. 

مواقف سماحة شيخ العقل جاءت في كلمته خلال الافطار الجامع الرسمي والروحي الجامع، الذي أقيم في دار طائفة الموحدين الدروز في بيروت، بدعوة من مشيخة العقل والمجلس المذهبي غروب أمس الاربعاء، بمشاركة رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، رئيس مجلس النواب الاستاذ نبيه ممثلا بالنائب محمد خواجة، والرؤساء العماد ميشال سليمان، الشيخ أمين الجميل، تمام سلام، فؤاد السنيورة، والاستاذ وليد جنبلاط. 

 كما شارك مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط، وممثلون عن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي المطران بولس عبد الساتر، نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى المفتي حسن عبدالله، بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف عبسي المطران ايلي بشارة الحداد، بطريرك الروم الأرثوذوكس يوحنا العاشر المطران الياس كفوري. وشارك رئيس المجلس الاسلامي العلوي الشيخ علي محمود قدور وحشد كبير من الشخصيات السياسية والدينية.

والقى شيخ العقل كلمة قال فيها:هذه المناسبة الدينية الاجتماعية بامتياز، أردناها، وبالتنسيق مع القائد المفضال وليد بك جنبلاط، لقاء وطنيا وروحيا جامعا، على صورة هذه الدار وأهلها، التي ما كانت يوما، ولا كانوا، إلا صلة الوصل لا الفصل، وعنوان الجمع لا المنع، دار المعروف وبني معروف.

واذ اعترف أن المشهد مأساوي، ولون الحياة يكاد يصبح بلون الدماء والدمار، وقادة العدو الغاشم إلى مزيد من الجنون والإجرام، وكأن لغة العقل في إجازة، والزمان إلى نهاية، والعالم إلى زوال، لكن الحقيقة غير ذلك، فالحق موجود والأمل معقود على أهل العقل والحكمة وعلى دعاة السلام في كل مكان وزمان، 

ودعا للعمل معا بمسؤولية، وبروح ركاب السفينة، وسفينتنا الوطنية واحدة، معا نغرق إذا ما تصارعنا وتفرقنا، ومعا ننجو اذا ما تعاونا وتطلعنا إلى الأمام، وإن كان القبطان مغيبا منذ سنة ونيف، فهذا أمر غير مطمئن، إلا أننا جميعا معنيون بسلامة السفينة ومسؤولون عن ركابها، أولا بأول، تربية وثقافة وعملا منتجا وتشريعا وانتخابا وإدارة وتنفيذا.

وقال: لم نفلح حتى الآن في عقد قمة روحية منتظرة بسبب تسارع المستجدات، لكنها قائمة باستمرار في ما بيننا، وما زلنا نشرع الأبواب لها ولأي لقاء جامع يترجم حقيقة وحدتنا الروحية والاجتماعية والوطنية ومضمون رسالتنا الأخلاقية والإنسانية، وقد آلينا على أنفسنا في لقاءاتنا الثنائية التي عقدناها أن نعمل معا لتمتين روابط العيش الواحد في ما بين عائلاتنا الروحية، ولتهيئة المناخات الإيجابية في البلاد وفتح الطريق أمام المسؤولين للتلاقي الفعال والتعاون الصادق من أجل إنقاذ الوطن والنهوض بالدولة.

واضاف:لقد طالبنا مرارا باحترام الدستور والإسراع في عمليات الانتخاب والتعيين وفق الأصول الدستورية، وبأكبر قدر ممكن من التفاهم والاتفاق، صونا للدولة من التفكك القاتل، وحماية للمؤسسات من الشلل الكلي، رافضين التسويف والانتظار ووضع الفيتوات الداخلية والاستسلام للتسويات الآنية.

وتابع: لقد طالبنا ونطالب المسؤولين، وكل من مكانه وعلى قدر مكانته، وبالرغم من الفراغ المؤلم في سدة الرئاسة الأولى، طالبنا بضرورة الاهتمام بالوضع المعيشي والاجتماعي باعتباره أولوية، والمبادرة إلى استنباط الحلول الممكنة للتخفيف من معاناة اللبنانيين والحد من هجرة الأدمغة والطاقات…ولقد نبهنا، كما نبه سوانا، إلى جملة مخاطر وتحديات، لعل النزوح السوري في طليعتها، بما يتبعه من تفلت الحدود وعمليات التهريب، وهو ما يستدعي توحيد الرؤية حول كيفية التعاطي مع النازحين واللاجئين .

ونبّه إلى خطورة استقواء أي مجموعة وطنية على أخرى مهما كانت الدوافع والمبررات، فلبنان لا يبنى إلا على قاعدة أخلاقية ذهبية ثابتة، تقضي بأن تحافظ كل عائلة روحية على شريكتها في الوطن، لا على نفسها فحسب، وهذا ما يتطلب العمل لتعزيز ثقافة المواطنة كبديل عن أية ثقافة فئوية.

واشار الى ضرورة التصدي لخطر لا يقل شأنا عن أي خطر سياسي أو أمني أو اقتصادي، وهو خطر التفلت الأخلاقي وانتشار ثقافة هدم الأصول، وهو ما يتعارض مع ثقافتنا وتقاليدنا الشريفة.

وقال: رفعنا منذ البداية شعارنا القائل بالحياد عن كل ما يفرق والانحياز إلى كل ما يجمع، على أمل تطبيق اتفاق الطائف بأكمله، وتأسيس مجلس الشيوخ الذي يتولى هذه المهمة دستوريا، راجين أن يكون صمود الجنوب وألم الجنوبيين ودم الشهداء الميامين حافزا لنا للتيقظ والتفاهم وصيانة الدولة.

واعلن التضامن مع غزة المظلومة، وإدانة العدوان الإسرائيلي الهمجي على الشعب العربي الفلسطيني وحمل المسؤولية للمجتمع الدولي وللدول صاحبة القرار بالعمل لوقف هذه الاعتداءات والقفز فوق القرارات الأممية والمواثيق الدولية.

وختم: كأن هذا التلاقي يحثنا على فطر دستوري وقيامة وطنية، أو كأنه أشبه بقمة روحية اجتماعية ووطنية».

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *