رمضان غزّة: صمود بوجه الحرب وتقنين التجويع

“حماس” تُحمّل الاحتلال مسؤولية إفشال المفاوضات.. وحصر قرار المواجهة في المسجد الأقصى بيد نتنياهو

يستقبل الفلسطينيون في غزة شهر رمضان  وسط تعثر المحادثات الرامية للتوصل إلى وقف إطلاق النار فيما يعيش سكان القطاع جوعا وحصارا غير مسبوقين. وقال مصدران أمنيان مصريان أمس إن مصر تجري اتصالات مع عدد من كبار الشخصيات في حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) وإسرائيل ووسطاء آخرين في محاولة لاستئناف المفاوضات.

وأضاف المصدران أن الاتصالات المصرية مع حماس وجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) جرت أمس بتفويض من الرئاسة المصرية في محاولة للتقريب بين المواقف المتباينة للجانبين، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وكان رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية، قال إن الحركة “تحلت بمسؤولية عالية وإيجابية ومرونة واسعة في مسار التفاوض برعاية قطر ومصر”، مشيراً إلى أنه تواصل مع الوسطاء قبل ساعات ولم يتلق التزاماً من إسرائيل بوقف إطلاق النار، والانسحاب من قطاع غزة.

وأضاف هنية في كلمة متلفزة، أمس أن حماس وضعت مبادئ خلال المفاوضات التي جرت في الفترة الأخيرة، وهي ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وعودة النازحين إلى ديارهم، بالإضافة إلى القضايا الإنسانية مثل إغاثة أهالي القطاع وإعادة الإعمار، وبعد ذلك التوصل إلى صفقة يتم بموجبها تبادل الأسرى.

وأشار هنية إلى أن ضوابط الحركة في التفاوض هي التوصل لاتفاق يفضي إلى إنهاء الحرب ووقف إطلاق النار، و”ترجمة صمود أهل غزة وتضحياتهم إلى انجازات للشعب الفلسطيني”، بالإضافة إلى “قطع الطريق” على ما أسماه بـ”المخططات المشبوهة” التي تستهدف غزة، وهو ما يطلق عليه “اليوم التالي للحرب” بحسب تعبيره.

ميدانيا نقلت القناة 13 الإسرائيلية عن مصادرأن تقديرات جيش الاحتلال هي أن القتال في خان يونس سينتهي خلال أيام إلى أسبوع.

وأضافت أن الجيش أنهى تفكيك لواء خان يونس، وهناك قوات خاصة ستبقى للبحث عن المحتجزين وقادة حركة حماس. من جهتها قالت هيئة البث الإسرائيلية أمس إن الجيش انتهى من إنشاء الطريق الذي يقسم قطاع غزة إلى قسمين. 

وأمس قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لصحيفة بوليتيكو الأميركية إن إسرائيل ستدخل إلى رفح، والخط الأحمر بالنسبة لنا هو عدم تكرار هجوم 7 تشرين الأول.

وأضاف: “نوشك على إنهاء الجزء الأخير من الحرب، والقتال لن يستغرق أكثر من شهرين وربما 6 أو 4 أسابيع”.

وبشأن المفاوضات قال نتنياهو لا أرى أي اختراق في المفاوضات، ولن يكون هناك وقف لإطلاق النار بدون إطلاق سراح الرهائن مضيفا “سنعيد مواطنينا إلى بيوتهم في الشمال سواء بالوسائل العسكرية أو الدبلوماسية”.

وفي السياق رأى وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أمس أن الرئيس الأميركي جو بايدن يؤيد أهداف الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، مضيفاً “لكنه يريد خطة منتظمة لإجلاء المدنيين” قبل اجتياح رفح.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية (مكان) عن كاتس، قوله إنه “لا نية لنا بالمساس بالمدنيين أثناء العملية البرية في رفح”، لافتاً إلى أنه من المنتظر نقل سكان رفح إلى الغرب أو مناطق أخرى في القطاع قبل بدء العملية البرية.

وتابع: “واوضح أن بايدن في نهاية المطاف يريد أن يرى خطة منتظمة لإخلاء السكان، والجيش نفذ ذلك حين حارب في شمال القطاع، وسينفذ ذلك في رفح أيضاً”.

وكان بايدن، قال السبت، إن اجتياح إسرائيل منطقة رفح جنوب قطاع غزة سيكون “خطاً أحمر”، قبل أن يستدرك مؤكداً أنه لن يتخلى أبداً عن إسرائيل بحيث يوقف عنها صادرات الأسلحة، مؤكداً أنه” لا خط أحمر” في هذا الجانب.

من جهة أخرى انتقد بايدن نتنياهو قائلا: إنّ “من حقّ (نتنياهو) الدفاع عن إسرائيل ومواصلة مهاجمة حماس. لكن يجب أن يكون أكثر حذرا حيال الأرواح البريئة التي تزهق”.

وأضاف “في رأيي هذا يضرّ إسرائيل أكثر ممّا ينفعها”.

لكن نتنياهو رد أمس على انتقادات بايدن وقال “إن بايدن مخطئ” مضيفاأن آخر شيء يتعين على إسرائيل القيام به هو جلب السلطة الفلسطينية إلى غزة.  

وفي المقابلة مع “بوليتيكو”، قال نتنياهو: “لا أعرف بالضبط ما الذي كان يقصده الرئيس، ولكن إذا كان يعني أنني أتبع سياسات خاصة، ضد رغبة غالبية الإسرائيليين، وأن هذا يضر بمصالح إسرائيل، فهو مخطئ في كلا الحالتين”.

وأضاف “هذه ليست سياساتي الخاصة فقط. إنها سياسات تدعمها الغالبية العظمى من الإسرائيليين. إنهم يؤيدون الإجراء الذي نتخذه لتدمير ما تبقى من كتائب حماس الإرهابية”، وذلك في إشارة إلى توسيع الهجمات البرية لتشمل منطقة رفح.

وتابع نتنياهو: “هم يقولون (الإسرائيليون) إنه بمجرد أن ندمر حماس، فإن آخر شيء يجب أن نفعله هو أن ندخل إلى غزة السلطة الفلسطينية التي تعلم أطفالها عن الإرهاب وتمول الإرهاب لتدير أمور القطاع”.

وقال “كما أنهم (الإسرائيليون) يؤيدون موقفي بأنه علينا أن نرفض بشكل قاطع أن تُفرض علينا دولة إرهاب فلسطينية”، مشيرا إلى أن الإسرائيليين “يدركون أننا إذا لم نفعل ذلك فسوف نعود إلى مجزرة السابع من تشرين الأول”.

على صعيد آخر قالت القيادة المركزية الأميركية أمس إن الجيش الأميركي أرسل سفينة لتوصيل مساعدات إنسانية إلى غزة، بعد أيام من تعهد الرئيس جو بايدن ببناء رصيف بحري مؤقت لتقديم إمدادات للقطاع الفلسطيني المحاصر.

وأضافت القيادة في بيان أن سفينة الجيش الأميركي الجنرال فرانك إس بيسون غادرت قاعدة لانجلي يوستيس المشتركة في فرجينيا “بعد أقل من 36 ساعة من إعلان الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة ستقدم مساعدات إنسانية لغزة عن طريق البحر”.

وجاء في البيان أن السفينة “تحمل المعدات الأولى لإنشاء رصيف مؤقت لتوصيل الإمدادات الإنسانية الحيوية”.

ولا توجد في غزة بنية تحتية للموانئ لذلك تعتزم الولايات المتحدة في البداية العمل مع قبرص، التي ستوفر عملية فحص الشحنات بالتعاون مع مسؤولين إسرائيليين، مما يلغي الحاجة إلى عمليات تفتيش أمنية في غزة. 

من جهته قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن “إقامة الرصيف البحري في غزة سيسهم في تقويض سلطة حركة حماس”.

وأدلى غالانت بتصريحه بعد جولة قام بها على شاطىء غزة لتفقّد الاستعدادات الجارية لبناء الرصيف المتوقع أن تستغرق عملية البناء ستين يوماً.

وذكر غالانت عبر منصة “إكس”: “وصلت صباح اليوم (أمس) إلى شواطئ غزة لأطلع عن كثب على الاستعدادات الجارية لبناء الرصيف البحري. … وكان لدي انطباع بأن المساعدات البحرية ستساعد على تحقيق أحد الأهداف الرئيسية للحرب وهي انهيار حكم حماس. سوف نكون حريصين على أن تذهب المساعدات إلى من يحتاجونها، وليس إلى من لا يحتاجونها”.

ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عنه قوله إن الخطة قُدمت “قبل شهرين، كجزء من حل اليوم التالي” بعد الحرب. وأضاف: “سيتعين على الجنود المتمركزين هنا.. استلام البضائع، وتأمين موقع الهبوط، ومن ثم السماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى من يحتاجون إليها، وليس إلى من لا يحتاجون إليها”

من جهته كشف المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرنوت” رون بن يشاي أن للولايات المتحدة مصلحة في بناء رصيف بحري عائم قبالة سواحل غزة لأربعة أسباب رئيسية، وهي:

 1- حاجة إدارة بايدن الماسة إلى إرضاء ناخبي الحزب الديمقراطي والمسلمين والداعمين الفلسطينيين، وإظهار لهم أن الولايات المتحدة تقدم مساعدات إلى قطاع غزة ما يؤدي إلى تحسين صورته في عيون الناخبين الشباب من الجناح التقدمي في حزبه، الذين يهددون بعدم التصويت للرئيس الديمقراطي.

2- إدراك الحكومة الأميركية أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو محتجز لدى الوزيرين بن غفير وسموترتش، فخرجت لمساعدته. وبهذه الطريقة، سيتمكن نتنياهو من تبرير إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية بإملاء مباشر من الإدارة في واشنطن. 

3- سيسمح الرصيف البحري بتفريغ شحنات وكميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، وهي أكبر بعشر مرات من الكميات التي تصل حالياً إلى قطاع غزة بالشاحنات، وأغلبها تتعرض للنهب.

4- أن وجود رصيف أمام الشواطئ الشمالية لقطاع غزة، حيث تسيطر إسرائيل ولا توجد بها كثافة سكانية كافية لمهاجمة الشحنات، سيضمن أن المساعدات ستذهب مباشرة إلى منظمات الإغاثة العاملة داخل القطاع. – دون وساطة حماس وعائلات الجريمة.

في المقابل قال مسؤول أمني في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن سعي الاحتلال لاستحداث هيئات تدير غزة مؤامرة فاشلة لن تتحقق مضيفا أن كل محاولات زعزعة أمننا واستقرارنا في قطاع غزة ستبوء بالفشل، ولن نسمح بذلك.

   وأوضح المسؤول الأمني أن قبول التواصل مع الاحتلال من مخاتير وعشائر للعمل بقطاع غزة خيانة وطنية لن نسمح بها مؤكدا “سنضرب بيد مِن حديد مَن يعبث بالجبهة الداخلية في قطاع غزة، ولن نسمح بفرض قواعد جديدة”.

ويرى الكثير من المحللين الفلسطينيين أن الميناء العائم يهدف إلى تخفيف الضغوطات على حكومة نتنياهو لتواصل حربها على قطاع غزة، بالتالي فهو خطوة لشرعنة الحرب دولياً، لا سيما أن الأصوات الداعية لوقف الحرب وسط المجاعة في القطاع تتزايد بشكل كبير، كما تثار مخاوف من استغلال هذا الميناء لتحقيق أهداف خفية بعد انتهاء الحرب، لا سيما أن سواحل قطاع غزة غنية بالغاز. 

ميدانيا استقبلت مستشفيات قطاع غزة جثامين 81 فلسطينياً، على الأقل، غالبيتهم من الأطفال والنساء وكبار السن، استشهدوا في هجمات إسرائيلية على مناطق متفرقة بالقطاع، خلال الـ 24 ساعة الماضية، بحسب وزارة الصحة في غزة.

وقال المتحدث باسم الوزارة، أشرف القدرة، إن 25 فلسطينياً غالبيتهم من الأطفال قضوا نتيجة سوء التغذية والجفاف والمجاعة بقطاع غزة، لافتاً إلى وفاة العشرات بسبب سوء التغذية والجفاف دون أن يصلوا إلى المستشفيات.

إلى ذلك ذكرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن 730 أكاديميا إسرائيليا وقعوا عريضة تطالب حكومة نتنياهو بإجراءات عاجلة لمنع المجاعة في قطاع غزة.

وحذر الأكاديميون الموقعون من أن حجم الوفيات في غزة يمكن أن يصبح وصمة عار لا تمحى على جبين إسرائيل.

في الضفة قال شهود عيان في مدينة القدس المحتلة أمس إن قوات الاحتلال الإسرائيلي، عززت وجودها في أكثر من موقع في المدينة ونشرت فرقاً من الشرطة في محيط المسجد الأقصى قبل ساعات من دخول شهر رمضان.

وأضاف الشهود لوكالة أنباء العالم العربي أن الأمن الإسرائيلي بعث رسائل نصية إلى هواتف الفلسطينيين تحذرهم من الانخراط في أي أعمال عنف خلال شهر رمضان، فيما وزعت أجهزة المخابرات ملصقات في عدد من الأحياء في القدس تحمل ذات المغزى والتحذير.

وأوضح الشهود، أن الملصقات جرى توزيعها في حي جبل المكبر، تحذر أهالي الحي من تنفيذ أي أعمال “عنف” في القدس.

وكان مجلس الحرب الإسرائيلي قرر السماح للعرب في إسرائيل وسكان القدس الصلاة في المسجد الأقصى ودخول نحو 50 إلى 60 ألف شخص دون تحديد فئات عمرية، فيما فرض قيود صارمة على دخول أهالي الضفة الغربية إلى القدس خلال رمضان.

من جهتها قالت هيئة البث الإسرائيلية، أمس، إن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو اتخذ قرارا بأن أي اقتحام من شرطة الاحتلال لباحات المسجد الأقصى خلال شهر رمضان سيتم بتعليمات منه

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *