نوال نصر لـ «الشرق»: التوقّف عن العمل في الإدارات الرسمية سيبقى على منحاه التصاعدي ونستنكر الإستنسابية وفوضى العطاءات

كتبت ريتا شمعون:

خلق التوازن الطائفي في لبنان نظاما سمح للمنظومة السياسية منذ التسعينات بالتمادي في التوظيف السياسي، في مؤسسات الدولة للربح الشخصي والحفاظ على شرعيتها السياسية، إذ منحت حق الوصول الى الخدمات العامة بناء على الولاء، بدلا من حق جميع المواطنين بتلقي الخدمات العامة بالتساوي، عبر ابرام آلاف العقود ما أدّى الى انعدام الثقة بالمؤسسات الحكومية، وفرض أعباء مالية على المواطنين والدولة.

فأضحت الدولة كالبقرة الحلوب التي أبى السياسيون إلا أن  يحلبوها الى حين إنتهاء عملية التوظيف والتعاقد الجديد في الإدارات والمؤسسات العامة في العام 2019.

اليوم، بينما تنهار مؤسسات الدولة واداراتها وتعم إضرابات جماعية وتظاهرات معطلة الخدمات العامة لأكثر من سنة، احتجاجا على بيانات الرواتب الحكومية غير الموثوقة، نفتقد في لبنان لبيانات واضحة عن عدد الموظفين في القطاع العام ورواتبهم ومؤشرات أدائهم، ولا توجد أرقام دقيقة عن الأقسام الإدارية العامة التي تعمل  خارج الميزانية أي تلك التي لا توثق ميزانيتها بشفافية لوزارة المالية، حيث تكثر المؤسسات التي يتقاضى موظفوها رواتب، بيد انها لا تعمل منذ سنوات طويلة مثل مديرية سكك الحديد.

وعليه، فإن تجاهل السلطة السياسية لحقوق كل محدودي الدخل في القطاع العام خفض من معنويات الموظفين وسمعة خدماتهم بين اللبنانيين، وقد أدّى ذلك الى غياب الثقة كما تقول رئيسة رابطة موظفي الإدارة العامة في لبنان نوال نصر في حديث لجريدة «الشرق»، وأعلنت أن التوقف عن العمل سيبقى على منحاه التصاعدي مؤكدة أن التصعيد سيكون حتميا والإضراب المفتوح قد يكون احد الخيارات الأساسية، والمؤسف أن لا تجاوب من قبل الدولة لمطالبنا، مشيرة الى ان أوضاع الموظفين المزرية تزداد سوءا، والمسؤولون يعملون على اساس نظريات غير واقعية وبعيدون عن الواقع الإقتصادي.

وأعلنت أيضا رفضها لسياسة قضم الحقوق وإدانتها لأي إجراء يرمي لتحميل الموظفين ومحدودي الدخل فشل السياسات الخاطئة التي كانت السبب في هدر أموال الخزينة.

وتقول نصر، الموظفون يطالبون بتصحيح رواتبهم المحددة بموجب القوانين والأنظمة، لافتة الى انه ومنذ بداية الأزمة بدأ القضم المتتالي لهذه الرواتب مع ارتفاع سعر صرف الدولار وارتفاع الأسعار بحيث تدنى راتب الموظف الى 2% من قيمته، الى ان بدأت المعالجات الترقيعية عبر نصف راتب ثم راتب ثم راتبين، وحاليا ست رواتب ستعطى لموظفي الإدارة العامة الذين تراوح رواتبهم بين 11 دولاراً و 20 دولاراً أميركيا، وتساءلت كيف يمكن لأي إنسان أن يعيش بهكذا مبلغ؟ اين العدالة الإجتماعية؟

وما زالت هذه الرواتب بأضعافها السبعة او الستة ترواح بعد المحسومات بقيمة تقريبية بين 130 و 150 دولاراً أميركيا، وكي يحصلوا عليها عليهم أن يحضروا 14 يوما، تكلف غالبيتهم كفرق بدل نقل ما يرواح بين ثمانية واربعة عشر مليون ليرة لبنانية.

وتحدثت نصر، عن المعاشات التقاعدية التي فقدت قيمتها وتعويضات الصرف التي تلامس العدم، في وقت هناك رفض لدمج أي زيادة في صلب الراتب، وتلفت الى أن قيمة تعويضات نهاية الخدمة للموظفين بدرجة مدير عام ورؤساء دوائر لا تتجاوز اﻟ70 دولاراً، اما قيمتها للموظفين الصغار فلا تتجاوز الـ11 دولاراً.

وأعربت نصر، عن قلقها من مغبة انعدام العدالة في مقاربة الحلول، واختلاق حلول لشرائح وظيفية دون أخرى بتبريرات تنافي المنطق، كأن تبالغ السلطة بضرورة دعم موظفي وزارة المال بحجة أنها وزارة منتجة، أو تدعم  القطاع التعليمي الرسمي بحجة تسيير العام الدراسي بإعطاء المعلمين جزءا من مطالبهم برفع راتب الأستاذ الى نحو 300 دولار أميركي وهو راتب في الحقيقة لا يليق باستاذ أصلا، وتابعت، مع الإعتراف لبعض المنظمات الدولية التي اعتاد اللبنانيون على قروشها الخضراء، لبعض الموظفين وبخاصة كبارهم بتقديم حوافز بالدولار الفريش في وزارات المالية والزراعة ووزارة الشؤون الإجتماعية وفي إدارات أخرى وفقا لما تقول، وتساءلت، لماذا يريدون إرضائهم، وأين باقي الموظفين وأليست هناك مهام أساسية لإدارات الدولة؟

وأكدت نصر، كل مرة يحضر هذا الملف على مائدة مجلس الوزراء يأتي التصحيح إستنسابياً، دون الأخذ في الإعتبار آثاره السلبية الكارثية على الفئات الأكثر ضعفا في الإدارات العامة في ظل أزمة اقتصادية لن تنتهي أبدا ما لم تنفذ إصلاحات سريعة واجراءات عادلة للعاملين في القطاع العام.

كما انتقدت، موازنة العام 2024 التي يغيب عنها النظام الضرائبي التصاعدي، وما يسمى ضرائب ورسوم قد تكون لصالح المالية العامة وقد تكون لنقابات وصناديق ومؤسسات، ولجان موقتة وغيرها من الإدارات لا تعمل لسنوات طويلة، ولكن إذا كان فرض الرسوم والضرائب سيحلّ مسألة الزيادة على الأجور لموظفي القطاع العام يجب أن يتساوى فيها أجر من يعملون في نفس مكان العمل في الأجور حيث توجد فجوة واختلاف واضح بين الرواتب، والمفروض لمن يطلب من موظف القطاع العام ان يحضر الى عمله أن يصحح راتبه بشكل عادل، مطالبة بالكفاية لصغار الرتب والعدالة لكل شرائح القطاع العام، ودون ذلك الحكومة تحكم على الإدارة بتعطيلها.

يقولون إن الإدارة غير منتجة وتشكل عبئا على خزينة الدولة لأن الإنتاجية في العمل شبه معدومة يهمنا ان نؤكد تقول نصر، اننا نؤيد عملية إعادة هيكلة القطاع العام، وتؤكد ان موظفي الإدارات العامة غير مسؤولين عن التنفيعات السياسية، وبرأيها على المسؤولين تحمل مسؤولية فائض الموظفين وليس العكس، وتلك العملية لا تتطلب توظيف أشخاص جدد بل إطلاق عملية الترفيعات الروتينية بدل تقييدها والإستعاضة عنها بانتداب موظفين غير أصيلين الى المراكز الشاغرة التي تصل في بعض المؤسسات الى نحو 80%، وفق دراسة كاملة لحاجات الدولة، تتضمن معلومات حول الموظفين الحاليين وكفاءاتهم وما الى ذلك، بهدف تقديم تصور حول إعادة توزيعهم بشكل يتناسب مع المواقع الشاغرة.

وحذّرت في الختام، من تكرار خطيئة التوظيف العشوائي الإنتقائي والزبائني المخالف للقوانين وبرواتب دولارية عالية.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *