بيضون لـ”الشرق”: تهديد مؤسسة كهرباء لبنان للإدارات العامة بتسديد مستحقاتها نوع من العنتريات ولتصحح المؤسسة أولاً الفاتورة المليونية بإعادة احتسابها

كتبت ريتا شمعون

فرضت خطة ووعدت اللبنانيين بالتغذية وبررّت وشجعت وطلعت أخيرا وزارة الطاقة مش قدّا باعتراف وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض الذي اعلن عن نجاح نسبي في خطة الكهرباء، مع زيادة التغذية لحدّ أقصى 5 ساعات يوميا، وذلك في وقت يتكبد فيه المواطنين فواتير مليونية، دفعت العديد منهم الى الغاء عداداتهم.

ولأنه لم يعد مسموحا أن يدفع المواطن اللبناني تكاليف إضافية عن الإدارات العامة، وأن تواصل الإدارات مراكمة الفواتير والإسراف في إهدار الطاقة، اتخذت مؤسسة كهرباء لبنان قرارا بتفعيل الجبايات ومكافحة التعديات على الشبكة والسرقات ووجهت إنذارا الى أكثر من 209 مؤسسات رسمية دعتها فيه الى تسديد المستحقات المتوجبة في ذمتها التي تفوق قيمتها 17 مليون دولار أميركي نتيجة استخدام الكهرباء نقدا بالليرة اللبنانية وليس بموجب حوالات مصرفية، واعطت المؤسسة الإدارات مهلة أقصاها 24 تشرين الأول الجاري تحت طائلة

قطع التيار عن الوزارات والإدارات التي تتخلف عن سداد مستحقاتها.

هي ليست المرة الأولى التي تلوح فيها مؤسسة كهرباء لبنان بقطع التيار عن الإدارات العامة التي لا تدفع، ولكن هذه المرّة الأمر مختلف فالقرار جاء بتوصية من اللجنة الوزارية لشؤون الكهرباء وبعد موافقة المجلس المركزي في مؤسسة كهرباء لبنان، فهي تعتبر أن الكهرباء سلعة يجب ان يدفع ثمنها ولا يمكن للشركة تقديمها مجانا، لكن المشكلة لا تقف عند إدارات الدولة فحسب، فمنظمة الأونروا تمتنع أيضا عن تسديد الفواتير العائدة للاجئين الفلسطينيين في المخيمات، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون النازحين ترفض بدورها تسديد الكلفة عن السوريين عن سنوات ممتدة من العام 2011 بالنسبة للسوريين وعن أكثر من 60 عاما بالنسبة لمخيمات الفلسطينيين. ذات يوم وجه صاحب أحد الإمتيازات إنذارا الى مؤسسة مياه واقعة ضمن نطاقه لتسديد مستحقاتها وهدّد بقطع الكهرباء عنها، فتمّ إنذاره بأن قطع الكهرباء عن مرفق عام يعتبر جريمة فتراجع، هذه الحادثة رواها مدير عام الإستثمار السابق في وزارة الطاقة غسان بيضون في حديث لجريدة  الشرق حين سألناه عن رأيه بالتحذير الأخير الذي وجهته مؤسسة كهرباء لبنان الى الإدارات العامة ومصالح المياه وسواها من أشخاص القطاع العام كافة.

وسأل بيضون، هل ستتمكن مؤسسة كهرباء لبنان من تنفيذ إنذارها في ظل مجموعة من العوائق التي تحول دون ذلك، في كلّ مرة تأخذ قرارا من ثمّ تعود عنه؟

ورأى بيضون، أن الأولوية راهنا أن تدفع مؤسسة كهرباء لبنان ديونها للدولة بما أوجبته قوانين موازنة الدولة للأعوام (2018- 2019- 2020) لناحية وضع آلية لجدولة وتسديد ديونها المتراكمة من سلف الدولة التي وصلت في نهاية العام 2020 الى عجز يبلغ عشرات المليارات دولار.

لكن أن تلجأ هذه المرة الى التهديد، والعنتريات التي لا تجدي نفعا، وإن دلّ على شيء فإنما يدل على جهل كبير للقانون وغير قابل للتطبيق، لافتا الى ان الإجراء لنقول لصندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية أن لبنان يقوم بإصلاحات، إلا انها شكلية بغض النظر عن إمكانية نجاحها، غير ذلك، لماذا لم تلمح بقطع التيار عن المخيمات الفلسطينية ومخيمات النازحين السوريين وعن المتخلفين عن السداد؟

وكشف أنه، سبق لمجلس الوزراء أن أقر 1000 مليار لصالح وزارة المالية لدفع فواتير الإدارات العامة، هذا الأمر يحتاج الى تنسيق ما بين وزارتي الطاقة والمال، متسائلاً: لماذا لم يجد طريقه الى الحل؟

واستند بيضون على المادة 13: تعطى مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأجل، لتسديد عجز شراء المحروقات، ويعتبر مجرد استعمال الجهة المستلفة لهذه السلفة إقرارا منها بالقدرة على التسديد، وتحدد كيفية تسديد السلفة إضافة الى جدولة الديون المتراكمة على مؤسسة كهرباء لبنان بموجب آلية توضع بقرار مشترك بين وزارة المالية ومؤسسة كهرباء لبنان ممثلة بوزارة الطاقة، ليتوجه الى وزارة الطاقة قائلاّ: قبل أن تنفذ الأخيرة تهديداتها بالقطع عليها تسديد ديونها بحسب جدول سداد الدين في المادة 13.

وتابع بيضون، أن سلف الخزينة التي تعطى لمؤسسة كهرباء لبنان لتسديد ثمن المحروقات هي مخالفة لقانون المحاسبة العمومية وبالتحديد لأحكام المواد 203 و 204 منه، بحيث تعرف هذه السلفات على أنها إمدادات تعطى من موجودات الخزينة لتغذية صناديق المؤسسات العامة وليس هناك في الأصل موجودات فائضة لدى الخزينة لإعطاء سلفات خزينة منها للمحروقات.

ويعود أسباب العجز المالي لمؤسسة كهرباء لبنان الى عدة عوامل أهمها: نسبة الهدر الفني التي تطورت بسبب ارتفاع نسبة التعديات والسرقات التي وصلت الى حوالى 60% تهدر عبر الأفراد والقبضايات وهي اليوم غير محتسبة وتؤثر على اعمال الفوترة، هنا يأتي دور المرجلة.

أما العامل الإضافي فهو عجز كهرباء لبنان عن تنظيم الجباية، متحدثا عن أداء شركات مقدمي الخدمات بالإستناد الى العقود المبرمة بينها وبين مؤسسة كهرباء لبنان أبرزها ضبط الهدر الفني والحدّ من سرقة التيار وتركيب العدادات الذكية في كل المناطق اللبنانية وتنظيم الجباية، فهل تغطي على سبيل المثال، تلك الشركات الجباية على كل الأراضي اللبنانية؟

الأمر لا يتوقف عند هذا الحدّ، فالتعرفة الجديدة تتضمن رسم تأهيل، وهو رسم غير موجود بقوانين المؤسسة، بالتالي هو ليس قانونيا، تحمل طابع الخوّة. كان الهدف الأول من زيادة التعرفة هو تأمين تغذية كهربائية من 8 الى 10 ساعات، أما الهدف الثاني فهو تغطية العجز المالي لمؤسسة كهرباء لبنان، وكلاهما لم يتحقق حتى الآن.

وانتقد بيضون طريقة احتساب الفاتورة الجديدة قائلاً: عندما يجتمع الإستبداد بالتسرع وسوء التقدير، لا بدّ ان تؤدي الى الفشل وتحقق عكس أهدافها، فالتعرفة الجديدة  تصاعدية من دون حدود وغير عادلة، فلتصحح المؤسسة الخطأ بتعديل التعرفة وتنسجم مع وضع المواطن اللبناني الصعب ، مضيفا: للأسف سيمول سكان لبنان سوء إدارة كهرباء لبنان المزمنة بلا إصلاحات فعلية.

ومع إتاحة المجال لدفع فواتير الكهرباء بالدولار، إذ ان هيئة التشريع والإستشارات وافقت على اعتماد الدولار كعملة موازية لليرة، يستغرب بيضون هذا الأمر، موضحا حقيقة ان الدولار الذي تعتمده مؤسسة كهرباء لبنان وتوافق عليه وزارة الطاقة، هو دولار منصة صيرفة مضافا اليه 20%، هي الزيادة التي يأخذها مصرف لبنان لتحويل مؤسسة كهرباء لبنان من ليرة الى دولار، بالتالي فإن سعر دولار فواتير الكهرباء هو نحو 104 آلاف ليرة،

فيما دولار السوق لا يتجاوز اﻟ90 ألف ليرة، معتبرا أن اﻟ 20% هي غرامة مالية دون وجه حق.

وأضاف في هذا السياق، أن قرار مؤسسة كهرباء لبنان أن تجبي فواتيرها بالدولار الأميركي اختياريا يدلّ على تخبط في السياسات العامة المالية، مشيرا الى ان الدولرة لا يسمح بها القانون وجباية الفواتير مثلما سيحصل. مشيرا الى أن العملة اللبنانية تتمتع بقوة إبرائية ملزمة، سائلاً: عن الأرباح التي قد تحققها المؤسسة من بعض الفوارق التي سيؤمنها الدفع بالدولار فالسعر المعتمد أعلى من سعر السوق وعليه يختم بيضون، يجب على مؤسسة كهرباء لبنان إظهار النسبة الحقيقية واحتساب الفاتورة بطريقة صحيحة، على أي حال خطة الحكومة فشلت قبل ان تبدأ.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *