سياسات بايدن الاقتصادية ستجعل الولايات المتحدة والعالم أكثر فقراً

نشرت جريدة «الديلي تليغراف» تحليلاً خاصاً حول سياسات بايدن الاقتصادية وجاء فيه:

يستهل الكاتب بالإشارة إلى أن العالم الخارجي يرى الولايات المتحدة مجتمعا شديد الاستقطاب من الناحية الاجتماعية، بينما هناك إجماع جديد في ذلك البلد على «القومية الاقتصادية». ويشير هذا المصطلح إلى تدخل الدولة في الاقتصاد وعدم تركه لآليات السوق الحر، وهذا النهج من شأنه «أن يجعل أميركا والعالم أكثر فقرا»، حسب الكاتب. وبالعودة إلى عام 2016، أدرك أغلب الناس أن انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة سوف يتبع تحولا عن الإجماع على مبدأ التجارة الحرة، الذي اعتنقه أسلافه الرؤساء: ريغان، وبوش الأب، وبيل كلينتون، وبوش الابن، وباراك أوباما. ويعتبر غريغ أن ميول ترامب كانت قياسية، وتصرف بناء عليها عبر فرض رسوم جمركية على الواردات. وكتب: «توقع قليلون أن يصاحب هذا التحول في التجارة شكوك متزايدة حول فكرة الأسواق الحرة بشكل عام، ناهيك عن الدرجة التي قد تؤدي بها إدارة بايدن إلى تسريع تحول أميركا عن التجارة الحرة».

ويشير الكاتب إلى قانون بايدن لعام 2022 الخاص بالرقائق الإلكترونية، والذي قدم 280 مليار دولار لتعزيز البحث والتطوير، وبناء قوة عمل أقوى في مجال العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، وتعزيز قدرات أشباه الموصلات في الولايات المتحدة. كما أن مشروع القانون المصاحب له ــ قانون خفض التضخم لعام 2022 ــ يحمل تدخلا مماثلا. وبعيدا عن التعامل مع التضخم، «عمل القانون على توفير 370 مليار دولار في هيئة إعفاءات ضريبية ومنح وإعانات دعم مستهدفة لتعزيز قطاع التصنيع في أميركا، فضلا عن تقديم شيء عزيز على اليسار الأميركي: الانتقال إلى الطاقة الخضراء». ويرى الكاتب أن إدارة بايدن تسعى بشكل متعمد، ومن دون ميل للاعتذار، إلى تخصيص رأس المال والقوة العاملة على قطاعات الاقتصاد عبر الحكومة الفيدرالية، بدلا من تركها للأسواق. ويقول غريغ إن هذا التوجه مدعوم من المشرعين الأميركيين، الذين يقف بعضهم على طرفي نقيض من القضايا الاجتماعية بينما يتوافقون تماما على السياسات الاقتصادية، ومن ذلك على سبيل المثال الاعتقاد بأن «السماح للصين بالانضمام إلى منظمة التجارة العالمية يكلف الأميركيين الوظائف». وكتب: «تشمل أسباب هذا التحول الواسع نحو القومية الاقتصادية مخاوف تتعلق بالأمن القومي بشأن الصين، والقلق بشأن تغير المناخ، والرغبة في مساعدة الأميركيين من الطبقة العاملة الذين يؤكد الشعبويون من اليسار واليمين أنهم كانوا الخاسرين الأساسيين من العولمة… ومن الواضح أن الثقة الأميركية في قدرة الأسواق على تخصيص الموارد بكفاءة قد تلاشت». وستكون العواقب طويلة الأمد المترتبة على هذا التحول وخيمة بالنسبة للاقتصاد الأميركي، وكذلك على العالم وفق الكاتب. ويرى أن سياسة الإعفاءات الضريبية وإعانات الدعم السخية للمنتجات أميركية الصنع تعرض الحكومات، في جميع أنحاء العالم، لضغوط باتجاه تقديم إعانات دعم مماثلة ومن بين هذه الدول بريطانيا. وعلى سبيل المثال، فإن تصنيع السيارات من الصناعات التصديرية الرئيسية في بريطانيا، وتعد أميركا حاليا ثاني أكبر سوق للشراء. وإذا دخل الاتحاد الأوروبي وواشنطن في حرب بشأن السيارات الكهربائية، «فقد تجد بريطانيا نفسها بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي مهمشة عاجزة، وغير قادرة على تحمل تكلفة العقوبات الانتقامية. وكما يقول المثل، ليس هناك مكسب في الحرب: بل هناك درجات متفاوتة من الخسارة». واختتم الكاتب: «ربما نكون في المراحل التمهيدية لاعتناق أميركا للقومية الاقتصادية. إذا كان الأمر كذلك، فإن الغرب يخوض رحلة جامحة، حيث يتم استبدال البديهيات المرتبطة بسنوات ريغان – كلينتون (نهج السوق الحر) بمجموعة أولويات ترامب وبايدن. والنتيجة النهائية لن تكون أميركا أقل ازدهارا فحسب، بل وأيضا عالم أكثر انقساما وأكثر فقرا على المستوى الاقتصادي».

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *