إنّ حكومة ميقاتي -وبجملة حازمة وحاسمة- دستورية وميثاقية وشرعية.. شاء من شاء وأبى من أبى.

كَثُرَ الحديث عن موضوع الحكومة بعد انتهاء «عهد جهنم»، وتساءل المتابعون عما إذا كانت هذه الحكومة شرعية أم غير شرعية.. وما هو مصيرها؟ وماذا سيحدث في البلد؟

من حيث المبدأ، في السلطة لا يوجد شيء اسمه فراغ.. لأنّ قانون الحياة يعتبر ان كل فراغ يجب أن يُـمْلأ بشيء. من هذه الزاوية نجد أنه في أي مؤسسة أو شركة هناك الى جانب الرئيس نائب له.

واليوم نستطيع القول إنّه في غياب رئيس الجمهورية، تحل محله الحكومة دستورياً وقانونياً، ويمكن أن نزيد، أنّ كل وزير أصبح نائب رئيس أيضاً.

مسكين فخامة الرئيس السابق… يظن أنه يستطيع أن يتلاعب بالقانون كما يريد.. وهنا أتذكر انه كان ينتقد الرئيس ميشال سليمان عند تشكيل الحكومات حين كان يطالب بعدد من الوزارات تكون من حصته، فكان يقول دائماً: ليس معه حق… والمصيبة انه عندما صار هو (أي  ميشال عون) رئيساً، لعن الله تلك الساعة، والله يسامح د. سمير جعجع، بدأ عند تشكيل كل حكومة يطالب بحصته أولاً وحصة التيار الوطني الحر أي صهره المفدى ثانياً…

جواباً على المشككين بشرعية الحكومة الحالية ودستوريتها أردّد القول: عملاً بمبدأ استمرارية المرفق العام ذي القيمة الدستورية يجعل من هذه الحكومة واقعاً شرعياً ودستورياً في آن. لأنّ انتظام أداء المؤسّسات الدستورية هو أساس الانتظام العام في الدولة… وإنّ الفراغ في المؤسّسات الدستورية يتعارض والغاية التي وُجِدَ ووضع من أجلها الدستور، لأنّ الفراغ يهدّد النظام بالسقوط ويضع البلاد في المجهول. هذا أولاً…

ثانياً: انطلاقاً من البند الأول، نستنتج ان دستورية التشريع في ظل خلوّ سدّة الرئاسة ولحين انتخاب رئيس جديد، استناداً بذلك الى ان الغاية من المادة 75 من الدستور التي تنص على «ان المجلس الملتئم لانتخاب رئيس للجمهورية يعتبر هيئة انتخابية لا هيئة اشتراعية، ويترتب عليه الشروع حالاً في انتخاب رئيس الدولة.

ثالثاً: لقد أكد المجلس الدستوري دستورية ممارسة حكومة تصريف الأعمال لصلاحيات رئيس الجمهورية وكالة عملاً بالمادة 62 من الدستور… حيث يتبدّى جلياً أنّ المجلس قد خطا خطوة متقدمة باتجاه حسم هذا الأمر.

رابعاً: لقد نفى المجلس الدستوري ما يسمّى بالصلاحيات اللصيقة بشخص رئيس الجمهورية… وجاء القرار ليجزم بصورة قاطعة أولاً، وجوب انعقاد الحكومة بهيئة تصريف الأعمال، ثانياً: ممارسة الحكومة لصلاحيات رئيس الجمهورية وكالة حتى ولو كانت في مرحلة تصريف الأعمال، وثالثاً: عدم وجود ما يسمّى صلاحيات لصيقة بشخص رئيس الجمهورية لا يمكن للحكومة ممارستها وكالة، ورابعاً: دستورية الآلية المعتمدة لعقد جلسات مجلس الوزراء واتخاذ القرارات المناسبة.

خامساً: لجهة الأكثرية الواجبة وآلية إصدار المقررات، يتبيّـن ان القرار كان جازماً لجهة دستورية اتخاذ القرارات بالأكثرية وفقاً للآلية المعتمدة (راهناً) ما دامت ان صلاحيات الرئاسة تمارس وكالة من قِبَل مجلس الوزراء عملاً بأحكام المادة 62 من الدستور.

سادساً: من المؤكد، أنه لا يوجد… لا قبل تعديل الدستور ولا بعد تعديله بتاريخ 1990/9/21 أي نص دستوري أو قانوني أو تنظيمي يفرض بأن تكون مداولات مجلس الوزراء واتخاذ القرارات بحضور جميع الوزراء، لا بل على النقيض من ذلك، فقد حدّد الدستور بوضع المادة 65 منه النصاب القانوني لاجتماع مجلس الوزراء بأكثرية ثلثي أعضائه، ولم يفرض ولا يمكن أن يفرض وجود جميع أعضاء الحكومة.

سابعاً: على نحوٍ موازٍ ارتأى الاجتهاد الاداري بأن ممارسة مجلس الوزراء لصلاحيات رئيس الجمهورية وكالة عند شغور سدّة الرئاسة، لا يعني -ولا يجب أن يعني- ان جميع أعضاء الحكومة يشتركون بتوقيع وإصدار المقررات المتخذة، على اعتبار ان هذه الأعمال، وكما قرّر مجلس شورى الدولة بشكل حازم وجازم، تبقى خاضعة لأحكام المادة 54 من الدستور التي تفرض توقيع رئيس الحكومة لكونه يمثّل الحكومة وينطق باسمها، إضافة الى الوزير أو الوزراء المختصين.

أوَبعد هذا كله يتشدّق الذين يتلاعبون بتفسير القانون، عما تفعله حكومة تصريف الأعمال حالياً..

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *