شمس الدين لـ «الشرق»: قرار رفع الدولار الجمركي مرتجل وسيرفع أسعار السلع ونصراوي: القرار متسرع، عشوائي وترقيعي ولو كان يحمي الصناعة

كتبت ريتا شمعون

المعارضة لم تعد تنفع، قرار الحكومة برفع الدولار الجمركي الى ما يوازي منصة صيرفة قد اتخذ وما اتخذ قد اتخذ، فالدولة اللبنانية إستسهلت تأمين الإيرادات لزيادة 4 أضعاف لمعاشات القطاع العام عبر زيادة الدولار الجمركي الذي سيكون له تداعيات إجتماعية وحياتية خطرة وإخلالات إقتصادية.

أول غيث القرار: كشف رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي أن كل ارتفاع 15 ألف ليرة على الدولار الجمركي سوف يؤدي الى ارتفاع 5 % على الأصناف التي تدفع جمارك كالمعلبات والفاكهة والألبان والأجبان علما أن هناك بدائل أخرى يمكن اللجوء اليها بعيدا عن رفع الدولار الجمركي بتاكيد من الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين الذي أكد في حديث لجريدة «الشرق»، أن قرار الحكومة برفع الدولار الجمركي من 45 ألف ليرة الى سعر منصة صيرفة البالغة نحو 90 ألف ليرة لا يوجد أي تفسير منطقي له وجاء كرد مرتجل بهدف تغطية زيادة رواتب القطاع العام ومعاشات المتقاعدين من دون أي دراسة علمية صحيحة مسبقة بالرغم لما يمكن أن ينتج عن قرار سبقته العديد من القرارات المماثلة، بالرغم من أن هناك بدائل أبرزها زيادة رسوم الأملاك البحرية .

وأشار في هذا السياق، الى أن قرار الحكومة بتعديل اسس احتساب سعر المتر المربع لتحديد الرسم السنوي المترتب على الأشغال المؤقت للأملاك العمومية البحرية عبر إعادة المسح الشامل لكامل الشاطىء اللبناني ودولرته هو قرار جيد ننتظره منذ سنين وأنه لا شك سيشكل موردا مهما للخزينة العامة لكنه سأل هل سيتمكن مجلس الوزراء من إنجاز المسح بسرعة وسيتم تخمين المواقع بعدل؟ والى متى سيطول إنتظار المسح ؟  زيادة الرسوم السنوية على الشاغلين للأملاك البحرية بوصفها أبرز أبواب الإيرادات بشكل يتناسب مع الأرباح المتوقع جنيها منها الضريبة قبل اللجوء الى التسويات على الأملاك البحرية؟

وأضاف هناك طرق أخرى لزيادة إيرادات الخزينة لا تصيب الناس بعيدا عن زيادة الدولار الجمركي الذي تمّ رفعه بداية الى 15 ألفا ثم 45 ألفا والآن التوجه الى 60 ألفا ما يعكس عدم استقرار ضريبي وتخبط مالي لافتا الى أن هذا الإرتفاع سينعكس على كل أنواع الإستهلاك على الرغم من وجود سلع غذائية معفية من الدولار الجمركي. أما لماذا لم يلجأ المسؤولون الى مصادر أخرى بعيدة عن زيادة الدولار الجمركي ، المفارقة يقول شمس الدين ثمة بعض الشركات التي تجني الثروات والمداخيل العالية بصورة غير نظامية ولا تستهدف بالضريبة فلأن المعنيين يغضون الطرف عنها. مثال آخر يعطيه شمس الدين، قائلاّ: إن ثمة قطاعا غير نظامي يكبر كثيرا في البلد إذ يبلغ عدد العمال الأجانب المسجلين في وزارة العمل حوالى 110 آلاف بمعنى إذا فرضت الدولة ضريبة إفتراضية بقيمة 1000 دولار أميركي على العامل الأجنبي يقارب مجموع الضريبة سنويا 110 ملايين دولار أميركي كجزء من الإيرادات دون المس بجيب المواطن اللبناني . ويرى أنه عندما نريد زيادة الإيرادات يجب أن نصوّب على هذه البدائل لا أن نستسهل القرارات الإرتجالية التي تزيد الأزمات تعقيدا لأسباب متعددة ومعروفة، بالتالي ان هذه القرارات لن تحقق الإيرادات المأمولة لإنما ستؤدي الى إنخفاض حجم الإستيراد واحتمال زيادة معدل التهرب الجمركي والى زيادة التهريب والمزيد من الإنكماش الإقتصادي في ظل دولة مترهلة ومتهالكة. واستغرب ربط الدولار الجمركي بدولار منصة صيرفة ;المتأرجح متوقعا أن يواجه المستهلكون موجة جديدة من ارتفاعات الأسعار على غرار ما حصل عند رفع الدولار الجمركي في المرات السابقة فالأسعار سترتفع بشكل عشوائي وبزيادة 20% على السلع بما فيها المعفية من الدولار الجمركي ومن غير المستبعد أن يرفع التجار ثمن البضائع على هواهم تماشيا مع رفع الدولار الجمركي. وفي سعيها لزيادة الإيرادات المالية لتغطية الإنفاق المتزايد على الزيادات الأخيرة على الرواتب والأجور من البديهي يتابع شمس الدين، أن يدفع هذا الأمر بالحكومة الى اللجوء الى مصرف لبنان الذي بدوره سيضطر الى طباعة المزيد من العملة الوطنية ما يؤدي الى مزيد من التضخم.

أما نائب رئيس جمعية الصناعيين في لبنان جورج نصراوي اعتبر في حديث لجريدة  «الشرق» أن قرار رفع الدولار الجمركي ولو كان قرارا متسرعا فإن تداعياته  سيف ذو حدين عندما يتعلق الأمر بالصناعة ربما يحقق بعض النتائج الجيدة، فإنه يساعد الصناعيين ويشكل فرصة كبيرة للبنان لتطوير صناعته وإنتاجه ويحميها في السوق الداخلية باعتبارها محمية من الرسوم الجمركية ما سيجعلها تنافسية لسائر المنتجات المستوردة بالتالي سيزيد من الإقبال على الصناعات المحلية . لكن في المقابل، يرى أن دخول الدولار الجمركي الجديد حيز التنفيذ له تأثير على بعض المؤسسات الصناعية الصغيرة والمتوسطة لا سيما الصناعات الغذائية وصناعة مواد التنظيف التي تشتري المواد الأولية الرئيسية والمكملة لمنتجاتها من التجارالذين سوف يستوردون المواد الخام على سعر الدولار الجمركي الجديد من شأنه ان ينعكس سلبا على أسعار جميع السلع المحلية فيرفع أسعار قسم كبير منها، وأن يشكل عائقا أمام تطورها وربما يمنعها أن توسع عملها، لافتا الى ان هذا الواقع يتطلب معالجة بالعمق لأن مصير هذه المصانع في خطر، لكن بالحد الأدنى مع رفع الدولار الجمركي نكون في صدد ربح عاملين: تقييد الإستيراد أكثر عبر كلفة المستوردات وتأمين موارد حقيقية للمواطنين لتحسين مداخيلهم.

وقال نصراوي: الحكومة دائما لديها إجراءات متسرعة، عشوائية وترقيعية ومجتزأة على سبيل المثال لا الحصر لمواجهة التحديات الإقتصادية ينبغي على الحكومة وضع خطة إنقاذ إنمائية تعالج المشكلات الرئيسية لاستعادة الثقة وإجراء نقاش مع أهل الإختصاص والقطاعات الإقتصادية لإبداء آرائهم حول المعالجات التي يعتبرونها أساسية ولكن مع الأسف هذا ما هو باليد أما عندما يتعلق الأمر بالناس، فالدولة مضطرة الى دفع رواتب القطاع العام وكلنا نعلم أننا ندفعها من خلال الرسوم والضرائب التي تتقاضاها الدولة من المواطنين ومن القدرة الشرائية التي تتآكل شيئا شيئا مع ارتفاع سعر الصرف سائلاً: هل هذه الإيرادات تغطي زيادة الرواتب؟ أم أن الأموال ستأتي من المركزي حيث يطبع الليرات ثم يشتري الدولارات من السوق فيرتفع بذلك سعر الصرف في السوق السوداء بشكل مطرد؟ وتوقع نصراوي، بعد رفع الدولار الجمركي أن ترتفع إيرادات الدولة ولكن على حساب المواطن اللبناني التي تنقلب إجراءات الدولة دائما عليه وتزيد من معاناته . وختم قائلاً: إذا استمرّ الأداء السياسي على هذه الحال نحن ذاهبون الى الأسوأ، ورأى أن استقرار سعر صرف الدولار في لبنان على سعر 97 ألف ليرة في هذه الفترة هو أمر مهم خلال الأعياد أما في حال سحب مصرف لبنان يده من عملية ضخ الدولارات في السوق وفق ما هو متوقع فذلك سيدفع بسعر الدولار الى سلوك مسار تصاعدي سريع في مقابل الليرة.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *