الراعي بخميس الأسرار: مدعوون إلى إبراز جمال السياسة كفن شريف

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس خميس الأسرار ورتبة الغسل، في بازيليك سيدة لبنان حريصا.

عاونه في القداس المطارنة سمير مظلوم، بولس الصياح، حنا علوان وانطوان عوكر، وأمين سر البطريرك الاب هادي ضو، رئيس مزار سيدة لبنان الاب فادي تابت كما وشارك عدد من المطارنة والكهنة والراهبات في حضور حشد من الفعاليات والمؤمنين.

وألقى البطريرك الراعي عظة، بعد رتبة الغسل والإنجيل المقدس، حملت عنوان “أحبّهم يسوع حتّى النهاية”، وقال، إنّ “سرّ المسيح الحاضر أبدًا في استمراريّة ذبيحة الفداء ووليمة جسده ودمه لحياة العالم، هو غاية في الإبداع الصادر عن حبّه اللامحدود، وعن قمّة البذل والعطاء. إنّها حضارة الفنّ المسيحيّ الذي رأى فيه القدّيسون جمال المبدع الإلهيّ”.

وأضاف، “السرّ-الحضارة يلقي الضوء على عملكم أيّها الفنّانون، من مسرحيّين وفنانيّ الكلمة المكتوبة والشعريّة، والموسيقى، والغناء والفنون التشكيليّة، وتقنيّات الإتصال الأكثر حداثة وسواها. أنتم تبتغون الجمال في ما تنتجون، وبذلك تواصلون عمل الخالق الذي “كان يرى جميلًا وجميلًأ جدًّا ما أبدعه” (تك 1: 31). لا أحد منكم يريد أن يتمّ أيّ شيء من دون أن يكون جميلًا ولو نسبيًّا. والجمال المصنوع يعكس جمال الله الأسمى غير المخلوق. بفضل هذا الجمال الإلهيّ، وجمال إنجازاتكم يولد الرجاء في القلوب بإمكانيّة النهوض من جديد بعد كلّ كبوة. بهذا المعنى كتب المفكّر الروسيّ دستويفسكي: “وحده الجمال سيخلّص العالم”. رسالتكم الفنيّة هي خدمة هذا الجمال.

وتابع، أنّ “جمال الله الظاهر في تحفة إبداعه خلقًا وفداءً التي هي العذراء مريم سيّدة لبنان التي تجمعنا في ظلّها، كذلك جمال إبداعاتكم، يبهج القلوب والعيون عند الناظرين والمشاهدين والسامعين. فنستطيع القول إنّ “هذا العالم الذي نعيش فيه هو بحاجة دائمة إلى الجمال لكي لا يغرق في اللارجاء” (رسالة إلى الفنّانين في ختام المجمع الفاتيكانيّ الثاني في 8 كانون الأوّل 1965)”.

وأردف، “أنتم فنّانون لأنّكم موهوبون وتنعمون بالمواهب المتنوّعة التي هي من الروح القدس الفنّان الوحيد الخفيّ الذي يوزّع مواهبه كما يشاء من أجل الخير العام. نقرأ في سفر التكوين أن “روح الربّ، مثل الريح كان يرفرف على وجه الماء الغامر الأرض قبل البدء بإنجاز الخلق (راجع تك 1: 2). هو الروح إيّاه يهبّ في إبداعاتكم، التي تشهدون فيها لجمال وجه الله “الذي سلّم الأرض إلى الإنسان لكي يحرسها ويحرثها” (تك 2، 15)، محافظًا على جمال خالقها”.

وأكد، “كلّ واحد وواحدة منكم ومنّا مدعوٌّ لإبراز وجه من وجوه الجمال مثلًا: جمال الخدمة في العائلة والمجتمع، جمال البذل والتفاني في التخفيف عن كاهل المريض والفقير والمعوّق، جمال السياسة كفنٍّ شريف لخدمة الخير العام، جمال العمل من أجل الوحدة والمصالحة وطيّ صفحة النزاع، جمال قبول المرض كمشاركة في آلام المسيح لفداء العالم، جمال الطالب المنكبّ بكلّ قواه على تحصيل العلم بأحسن درجة، جمال المعلّم الذي يعطي من كنز معرفته وأخلاقه، جمال الزوجين في الأمانة على عهد اليوم الأوّل، جمال الكاهن والأسقف المتفانيين في خدمة أبناء رعيّته وأبرشيّته بدون حساب أو تحفّظ، جمال المكرّسين والمكرّسات في اتباع المسيح على طريق المحبّة الكاملة، جمال شجاعة المتخاصمين على المصالحة، وجمال المتحاربين على إسكات السلاح، جمال الخروج من الأنانيّة وإشراك الآخرين بخيرات الله وعطاياه… كل انسان مدعو ليعيش جمالا ما على مستواه ومن موقعه”.

وأشار إلى أن “كلّ هذه الأنواع من الجمال وسواها من جمالات الناس والشعوب تعكس قبسًا من جمال الله الذي بكلّ هذه الجمالات نمجّده ونشكره ونسبّحه الآب والإبن والروح القدس، الإله الواحد، الآن وإلى الأبد”.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *