شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الأزمة في البيت الماروني

ردود الفعل على اجتماع الحكومة، أمس، لم تفاجئ أحداً، اذ كانت منتظرة من قِبِل فريقَي النزاع حول هذا الموضوع: من بيان مجلس المطارنة في بكركي برئاسة غبطة البطريرك مار بشارة الراعي الى الكلام الذي أدلى به رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من السراي الكبير، مروراً بالتبريرات المتناقضة،  حول دواعي عقد الجلسة ودواعي الاعتراض عليها، بين أمين عام حزب الله سماحة السيد حسن نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل… ولكن بيان الصرح البطريركي يبقى الأبعد مدىً، لأن بكركي تقيم على اقتناع راسخ بأن ثمة قراراً كبيراً، متخذاً بالتنسيق بين داخلٍ وخارج، على نظرية مفادها أن لا ضرورة لأن يُنتَخَب رئيس لهذه الجمهورية التعسة ما دام رئيس مجلس الوزراء، (رئيس حكومة تصريف الأعمال المستقيلة حكماً) يمكنه أن يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية.

اللافت أن بكركي أضافت، أمس، في بيان الأساقفة الموارنة الرسمي، بنداً يتعلق بالشكوك المتراكمة والمتزايدة، بأن المواقع الادارية الكبرى التي يشغلها مسيحيون من مختلف ألوان الطيف المسيحي، هي أيضاً مرشحة لأن تفلت منهم بشغلها، وكالةً وموقتاً، من موظفين ينتمون الى الطائفة الإسلامية (ولا يدوم الّا الموقت في هذا البلد)… وجاء البيان كثير الوضوح في هذه المسألة.

واقعاً، لا توجد إدارة ولا مَن يديرون، فهذه الإدارة التي هي في الدولة «بمثابة الإزميل في يد النحّات» كما كان يقول ويردد رئيس حزب الكتائب المؤسس المرحوم الشيخ بيار الجميل، تكاد ألّا تكون موجودة إلّا في سجل المعاشات، ولم يشعر المواطنون بأنها موجودة إلّا يوم أمس بالذات بإعلان رابطة الموظفين الإضراب العام.

في أي حال إن الفراغ الرئاسي، وهو فراغ فعلي وخطر بل بالغ الخطورة من حيث التداعيات، وسيترتب على تمديده الكثير من الخلافات والتداعيات والإشكالات والمشاكل، وأيضاً تعميق الانقسام العمودي في البلد الذي يترنح على شفير هاوية عميقة أين منها هاوية الأزمات الاقتصادية والمالية والمعيشية عموماً.

هل تبقى الحال هكذا؟ في تقديرنا أن الجواب المطلوب هو ما نود أن نهمس به في أذن صاحب النيافة والغبطة الكاردينال البطريرك، لنقول: يا سيدنا، المشكلة في البيت المسيحي عموماً والماروني خصوصاً… إن الخلافات الضاربة عميقاً بين القيادات المسيحية هي التي تسمح بأن يصيبهم ما يصح معه القول المأثور السائر: «استهدفوك فوصفوك»، وأنتم على حق في موقفكم من الشغور في كرسي الرئاسة، ولكن لماذا لا يتغلّب الثلاثة – أربعة قياديين على أحقادهم وأنانياتهم ومصالحهم وارتباطاتهم، ليتفقوا على اسم واحد يرشحون صاحبه للرئاسة ويحظون ببركتك يا سيدنا، وعندئذ مَن هو الذي سيقول لهم: لا؟!.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *