شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – طبقة اللصوص والمارقين

لم يُبْتَلَ شعبٌ بما ابتُلينا به، نحن اللبنانيين، بهكذا طبقة سياسية عرفت كيف تدفع بنا الى قعر القعر بينما هي تطفو على سطح الأزمات والمآسي والفواجع والكوارث، لترغد بأموال العباد ولتحوّل البلاد الى فشل يكاد أن يكون غير مسبوق، ولتتاجر بأوجاعنا، ولتبيعنا النفاق باسم الوطنية حيناً والسيادة أحيانا و «الصيغة» ومتحوراتها في كل حين.

ماذا يفعل هؤلاء النواب الذي أوصلناهم الى ساحة النجمة؟!.

ماذا تفعل هذه الحكومة التي وُلدت فاشلة ومارست صلاحياتها (يوم كانت ذات صلاحية) بالبهلوانيات، وهي تمضي في الألعبانيات والمسرحيات المضحكة –  المبكية؟!.

ماذا يفعل السياسيون الذين امتهنوا الكذب واحترفوا الاحتيال؟!.

ماذا يفعل هؤلاء الذين لا يخفق لهم قلب أمام مَن يموتون على أبواب المستشفيات لأن ليس لديهم ما يدفعونه بدل معاينة وطبابة واستشفاء؟!.

ماذا يفعل هؤلاء وهم لا يرف لهم جفن إزاء مريض يجرّ داءه الى الصيدليات وليس في جيبه ثمن دواء باتت الجرعة الواحدة منه أغلى ثمناً من الحد الأدنى للأجور؟!.

ماذا يفعلون وهم المتواطئون مع المافيات والعصابات والمهرّبين والمجرمين الذين لا يرف لهم  جفن وهم «يأكلون» الفقير والمريض، وينهشون ما ربّـما يكون قد تبقى من عافية في الأجساد، ويمتصون ما ربما يكون قد تبقى من قطرات دماء في الشرايين اليباس؟!.

ماذا يفعلون سوى أنهم يتناتشون ما تبقى من «الجبنةٍ» هذا اذا «فضّل» عنهم شيء؟!.

ألا يخجلون من ذواتهم؟!.

ألا يبصقون على أنفسهم وهم ينظرون في مرايا بيوتهم وقصورهم ومكاتبهم؟!.

ألا يسألون أنفسهم ماذا فعلنا بالناس، كيف أذلينا العباد ودمّرنا قِيّم ومقوّمات البلاد؟!.

ألا يشعرون أنهم أقزام، آلت إليهم أحوال لبنان في الزمن الرديء، قياساً الى أولئك الكبار الكبار، من آباء الاستقلال، الذين لم يكونوا ليسمحوا بارتفاع الدولار قرشاً واحداً إزاء الليرة اللبنانية، يوم كانت عملتنا الوطنية إحدى ثلاث أو أربع عملات صعبة في العالم؟!.

ألا يعرفون أن ثمن شريط مشرِّج الحاسوب (الشريط وحده وليس المشرّج) بات يساوي مليوناً وخمسماية ألف ليرة؟!.

ألا يدركون أن سلة المواد الغذائية والضرورات الأسبوعية (من دون اللحوم والأسماك بالطبع) باتت تكلفتها توازي الثلاثة ملايين ليرة ؟!.

ماذا يفعل هؤلاء بالوطن والمواطن الذي ينظر إليهم من قعر خيبته وقهره وذله فيراهم ما زالوا يستغلونه (كذباً ونفاقاً ورياءً) ويتاجرون به وبالدين وبالطائفة وبالمذهب على أنقاض وطن كان زينة البلدان يوم كان فيه السياسيون الرجال والأوادم، ولم يكن مرتعاً للصوص والجبناء والمارقين.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *