شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – المؤتمر الدولي

التاريخ يكتبه المنتصرون… هذه حقيقة ثمة إجماع عليها. ولأننا، في لبنان، ليس من منتصرين محسومين ولا من مهزومين مؤكدين، خلال الصراعات والحروب، فإن تاريخنا تاريخان، كلٌّ يدوّن تاريخه وفق أهوائه وانتمائه وحتى وفق المشاعر والعواطف سيّان ما كان منها سياسياً أو طائفياً، كي لا نقول مذهبياً، وذهب بعض «المؤرخين» إلى حد تدوين وقائع التاريخ من منطلق محض مناطقي وحتى عائلي.

ولكن المتجرد الذي يريد الوقوف على الحقيقة المجرّدة يمكنه الدخول إلى محرابها إذا عمل بجد وجهد وضمير حيّ، فلا يكتفي بالاطلاع على ما ورد في قصاصة ورق هنا وأخرى تناقضها هناك، بل عليه التنقيب في المصادر كلها، وأن يقارن في ما بينها بموضوعية مستنداً إلى زمان الحدث ومكانه، فيصل إلى الحد المقبول من الحقيقة.

سقنا هذه المقدمة لنقول إن الذين يعارضون دعوة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي إلى مؤتمر دولي حول لبنان، ويذهبون إلى حد التخوين، إنما هم يقعون في خطأ جسيم يوازي الخطيئة.

فلولا قصور المسؤولين في السلطة والجماعة السياسية عن القيام بواجبهم تباعاً، ولولا غرقهم في الفساد والمصالح الذاتية والأنانيات والأحقاد والكراهية والضغائن، ولو أنهم انصرفوا إلى القيام بواجباتهم على أكمل وجه، هل كان سيد بكركي ليدعو إلى المؤتمر الدولي؟!.

وبعد، ثمة أسئلة تفرض ذاتها، وبقوة:

1 – أي من معارضي المؤتمر الدولي ليس مرتبطاً (كي لا نقول مربوطاً) بالخارج؟

2 – أي مسألة مصيرية لم تكن وليدة الدور الخارجي؟!. مؤتمر فرساي سنة 1919، أو مؤتمر القاهرة؟ أو مؤتمر الطائف؟ أو مؤتمر الدوحة؟ (…).

3 – هل كان بشارة الخوري ورفاقه أكثر وطنية من إميل اده الذي قال باستمرار الانتداب الفرنسي بضع سنوات أخرى حتى نصبح مستحقين الاستقلال، محذّراً من حروب وفتن كل عقد من الزمن!

4 – والذين يفتحون نار جهنم على سيدنا البطريرك هل لديهم حل لأزماتنا المتفاقمة في السياسة والمال والاقتصاد؟!.

5 – هل جميع الذين لبّوا دعوة ايمانويل ماكرون إلى قصر الصنوبر وأنصتوا إلى كلامه الذي لامس حد التوبيخ كانوا في مؤتمر داخلي وطني؟!.

كفانا مزاودات على بعضنا البعض. فكّوا أعناقكم من مرابط الخارج، عندئذٍ تعالوا وناقشوا بشارة الراعي في المؤتمر الدولي، الذي نبادر إلى القول إنه ليس وارداً ما دامت الأطراف الداخلية، بمعظمها، على ما نعرف ونعاين ونعاني من تداعيات ممارساتها المدانة.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *