القوات اللبنانية لسامي الجميّل: ما تقوم به جريمة بدق الأسافين بين حزبين يربطهما تاريخ طويل


صدر عن الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، البيان الآتي:

في الوقت الذي بلغ فيه التشظي السياسي الوطني مداه الأقصى، موالاة ومعارضة في آن معا، مما عطل أي محاولة للقيام بأي خطوة إلى الأمام، وفي الوقت الذي تجهد فيه “القوات اللبنانية” للمّ شمل قوى المعارضة الحرة وقوى التغيير في البلاد، في محاولة جديّة لتشكيل قوة تغيير فعلية حقيقية تخرج لبنان من الوضع المأسوي الذي يمر به، ينبري السيد سامي الجميّل، ومن حيث لا ندري، للتهجم، كما عادته، على “القوات اللبنانية” في محاولة لإحباط مسعاها لتشكيل جبهة معارضة جدية في البلاد.

إن “القوات اللبنانية” وقد أصبح واضحا أن السيد سامي الجميّل يتصرف انطلاقا من شعور وموقف شخصي بحت، لن تنجر إلى أي سجالات سياسية عقيمة لا فائدة منها، خصوصا في هذه المرحلة بالذات، بل ستعكف على توضيح بعض النقاط التي طرحها الجميّل، منعا لمحاولته تضليل الرأي العام ليس إلا:

أولا: في ما يتعلق بقوله إن “الدكتور جعجع كان ضد الانتخابات النيابية المبكرة، وهو الآن مع الانتخابات النيابية المبكرة”، فهذا صحيح، لأن الانتخابات النيابية المبكرة ليست خطوة تطرح في أي ساعة أو وقت، إنما خطوة تلجأ إليها المجتمعات فقط عند الضرورة القصوى، وإلا ما فائدة وضع مواعيد للانتخابات النيابية العادية والاستحقاقات الدستورية بشكل عام.

وإنعاشا لذاكرة السيد الجميّل بأن الدكتور جعجع تحوّل إلى رأس حربة مع الانتخابات المبكرة على أثر انتفاضة 17 تشرين التي ما قبلها لا يستوجب الانتخابات، فيما ما بعدها يستوجب تقصير ولاية مجلس النواب مع التدهور الكبير الذي حصل في الوضع العام ومطالبة أكثرية ساحقة من الناس بانتخابات نيابية مبكرة.

ثانيا: أطبل السيد الجميّل آذاننا بأن “القوات اللبنانية” شكلت جزءا من التسوية الرئاسية، وهذه عملية غش موصوفة، لأن التسوية الرئاسية الفعلية، وكما بات واضحا من خلال سير الأمور في السنوات الأربع من العهد، قامت بين “التيار الوطني الحر” وتيار “المستقبل”، بينما كان موقف “القوات اللبنانية” في الانتخابات الرئاسية تحديدا المشاركة في انتخاب العماد ميشال عون لانعدام خيارات أخرى، وبعد سنتين ونصف من الفراغ الرئاسي، وتحقيقا للمصالحة المسيحية التي طال انتظارها وطالما كان الجميّل أحد أبرز الداعين إليها.

ولإنعاش ذاكرة السيد الجميّل أيضا فإن استطلاعات الرأي التي أجريت في تلك المرحلة بالتحديد أظهرت أن ما يفوق الـ85 في المئة من الرأي العام المسيحي، ونسب لا يستهان بها من الرأي العام اللبناني، كانت مع خطوة القوات.

ثالثا: يحاول السيد سامي الجميّل، زورا وبهتانا، تحميل “القوات اللبنانية” مسؤولية أفعال الرئيس ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في السلطة، فيما عون وباسيل وحدهما المسؤولان عن أفعالهما في السلطة.

رابعا: لا بد من تذكير السيد سامي الجميّل أنه خاض الانتخابات النيابية الأخيرة مع بعض مرشحي 8 آذار في دائرة كسروان جبيل، كما يجب تذكيره بأنه ينسق ويتعاون ضمن تجمع سياسي مع شخصيات كانت في السنوات الأربع التي خلت في تكتل “لبنان القوي”.

خامسا: أما في ما يتعلق بقول السيد سامي الجميّل أن لا ثقة له بقيادة “القوات”، فلم يطلب أحد أصلا شهادته بقيادة “القوات”، ويكفي القيادة القواتية فخرا بالحجم والثقل الوطني والسياسي والشعبي الذي أخذه حزب “القوات” في السنوات الأخيرة، فيما يفترض بالسيد الجميّل أن يخجل من الوضع الذي آل إليه حزب الكتائب العريق وطنيا وسياسيا وشعبيا في ظل قيادته.

سادسا: أما لجهة كلامه أن لا ثقة بين قيادة “القوات” وقاعدتها، فهذا كناية عن إسقاط لواقع السيد الجميّل في حزبه، فليست الكوادر القواتية التي تترك حزبها وتنضم الى الكتائب، بل العكس، وليست القاعدة القواتية التي تقلصت بل القاعدة الكتائبية، فيا توسعت شعبية “القوات” في شكل غير مسبوق منذ تأسيسها، وتكفي العودة إلى نتائج الانتخابات الأخيرة في العام 2018 لتبيان هذا الواقع المرير الذي يعيشه السيد الجميّل.

سابعا: أما لناحية قول السيد الجميّل بأن “القوات” كانت جزءا من الحكومة التي قامت الثورة ضدها، وأنها صوتت على قانون الانتخاب وقانون الضرائب، ففيه تعمية ومغالطات كبيرة، فصحيح أن القوات كانت جزءا من حكومتَي عهد عون الأولى والثانية، ولكن “القوات” كانت تحاول في الحكومة القيام بما كانت الثورة تحاول القيام به في الشارع والتي رفعت العناوين التي كانت رفعتها “القوات” داخل الحكومة.

ونذكّر السيد الجميّل بأن “القوات” صوتت لسنتين متتاليتين ضد الموازنات في الحكومتين اللتين شاركت فيهما، وأما لجهة التصويت على قانون الانتخاب، فنقول للسيد الجميّل بأن “القوات” ساهمت في الوصول إلى هذا القانون الذي تعتبره، ربما، الإنجاز الوحيد في السنوات الأربع الماضية، لأنه حقّق صحة التمثيل، وفتح المجال واسعا أمام القوى الحية بأن تتمثل بعيدا من البوسطات والمحادل الانتخابية، على غرار ما كان يحصل مع القوانين كلها التي تعاقبت منذ العام 1992.

وإذا كان حصد فريق 8 آذار الأكثرية، فليس بسبب القانون، بل بسبب تصرفات السيد الجميّل الذي أهدى هذا الفريق نائبين إضافيين في دائرة كسروان- جبيل انطلاقا من الكيدية السياسية، وما ينطبق على الجميّل ينسحب على غيره في مناطق أخرى أيضًا.

إن ما يقوم به السيد الجميّل يرتقي إلى مصاف الجريمة الكبرى من خلال دقه الأسافين المتواصلة في العلاقة بين حزبين يربطهما تاريخ طويل، وتضحيات مشتركة، وشهداء مشتركين، وقضية واحدة، ونقاط ارتكاز فكرية واحدة، ولا نجد أي مبرر منطقي أو واقعي، أو مبدئي، لمسار السيد الجميّل في دق الأسافين بشكل متواصل بين الحزبين.

ومهما استمر السيد الجميّل على هذا المنوال، فلن يستطيع إبعاد القاعدة الكتائبية الأصلية عن القاعدة القواتية، إلا في حال قام باستبدال هذه القاعدة، كما يجري الآن، بقاعدة أخرى قائمة على البغض والكراهية والكيد المصلحي فقط لا غير.


Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *