“حشيشة الكيف”.. لماذا القنّب ليس “مخدرا خطيرا”؟


ماذا يعني قرار لجنة المخدرات في الأمم المتحدة سحب نبتة القنب (الماريغوانا) من لائحة المخدرات الخطرة بالعالم؟ هل أصبح استخدام النبتة مشروعا أم أنه مقتصر على مجالات معينة؟ وهل سنشهد منتجات جديدة من هذه النبتة في الأسواق؟

الاتفاقية الموحدة حول تعريف المخدرات في العالم تعود لعام 1961، وهي أشبه بدليل عام أمام دول العالم المختلفة والتي تريد تنظيم سياستها وقوانينها الخاصة المتعلقة بالمخدرات. في هذه الاتفاقية نبتة القنب كانت على قدم المساواة مع المواد المخدرة الأخرى مثل الهيروين والكوكايين ولمدة 60 عاما تقريبا.

أدرج اسم القنب الهندي أو الماريغونا مرتين في اتفاقية عام 1961. ففي الفئة الأولى التي تشمل جميع العقاقير المخدرة الممنوع تداولها بصفة فردية تم ذكر اسم القنب الهندي. أيضا ذكر اسم هذه النبتة في المادة الرابعة والتي تسمح بالاستخدامات المحدودة لها ضمن قواعد صارمة.

بعد التصويت الأخير في لجنة الأمم المتحدة حول المواد المخدرة، لم يعد القنب موجودًا على تلك القائمة للمواد الأكثر خطرا. وهكذا فإن الأمم المتحدة اتبعت توصية منظمة الصحة العالمية الصادرة منذ نحو عامين حول اعادة تعريف درجة خطورة نبات القنب.

يقول شتيفان كريمر، المدير التنفيذي في شركة هيداي”Heyday ” للقنب، والتي تأسست في أوائل عام 2019، إن هذا القرار للأمم المتحدة يمكن أن يلغي جزئياً شيطنة القنب الحاصلة منذ زمن. وألف كريمر كتابا عن “مستقبل وماضي النقاش حول القنب”.

ويختص عمل كريمر باستيراد وتخزين وتوزيع زهور القنب من أجل المنفعة الطبية، ولا يعتبر عمل شركته خارجا عن المألوف حاليا، إذ أن شركات ناشئة مماثلة عديدة أعربت عن رغبتها دخول الأعمال التجارية مع القنب الطبية.

“كان القنب يصنف سابقاً على أنه نبتة غير مفيدة للاستخدامات الطبية، لكن اعادة التعريف هذا سيفتح المجال لتغيير الوضع القائم”، بحسب كريمر.

عقبات أقل أمام استخدام القنب؟

ويوكد يورغن نيوماير من جمعية صناعة القنب: “إنه لمن الجيد أن الأمم المتحدة قد اتبعت توصيات منظمة الصحة العالمية. وصوتت لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة، الأربعاء (الثالث من ديسمبر/ كانون الأول 2020) على إزالة عقار القنب المستخدم لأغراض طبية، من قائمة العقاقير الأكثر خطورة في العالم. وكان من المفترض أن يكون التصويت بداية العام الحالي، إلا أنه تم تأجيله. ويرى نيوماير “بعد هذا الدافع الدولي، نتوقع تيسيراً عالمياً في استخدام القنب الطبي. ونحن نرحب كثيراً بذلك، حيث يمكن للمستوردين والمزارعين والموزعين أن يتوقعوا عدداً أقل من العقبات البيروقراطية في المستقبل”.

وعن اللوائح الصارمة في ألمانيا التي تواجه صناعة القنب يقول كريمر على سبيل المثال، لا يمكن تخزين القنب الطبي في ألمانيا إلا في مستودع يخضع لـ”الحراسة الأمنية العالية”. وقد بنيت شركته بالفعل واحدا من الخرسانة المسلحة، وقال كريمر “إن الأمر صعب من الناحية اللوجستية والمالية”.

لكن حتى مع التغييرات الجديدة التي رافقت تعريف القنب، فبناء المخزن من الخرسانة المسلحة لم يكن عبثا، إذ لا يتوقع المحلل الخبير في شؤون القنب ألفريدو باسكوال من مجلة ماريوانا بيزنس ديلي، وهي مجلة رائدة في متابعة صناعة القنب ومقرها الولايات المتحدة يقول: “يظل القنّب في الفئة الأولى من الاتفاقية الدولية التي تفرض قيودا صارمة على الاستخدامات غير الطبية”.

انقسام دولي كبير

وصوتت ألمانيا لصالح إعادة التقييم. وصوتت ألمانيا ودول أوروبية أخرى لصالح اعادة تعريف الاستخدام الخاص بالقنب.

والواقع أن اتفاقية الأمم المتحدة بشأن المخدرات لعام 1961 أصبحت بالية، إذ أن هناك العديد من الدول التي خالفت الاتفاقية وسنت قوانين داخلية تنظم استخدام القنب مثل كندا وأوروغواي، على سبيل المثال. لكن على الجانب الآخر مازالت العديد من الدول التي ترفض استخدامه، لذلك يعتقد المحلل باسكوال أن الاتفاق الجديد بتنظيم استخدام القنب للأغراض الطبية جاء كحل وسط بين الدول المنقسمة، كما أن خطوة مثل رفع نبتة القنب بشكل كامل من قائمة المواد المخدرة لم يكن ليلاقي أغلبية داخل أروقة الأمم المتحدة.

وفقاً للخبير باسكوال فإن إعادة التقييم ترسل اشارة واضحة أن “القنب ليس خطيرا كما أدعى سابقا. لقد تغير الزمن. ونحن الآن نعرف أكثر من أي وقت أن للنبتة استخدامات طبية متعددة، وعلى المدى الطويل، يمكن أن يؤثر ذلك أيضاً على البلدان التي كانت مترددة في السابق في تعديل قوانينها الداخلية ولا سيما دول إفريقيا وأسيا.

بداية صناعة الأدوية من القنب؟

من الواضح الآن أن الدراسات ستتطرق بشكل أكبر للتأثيرات الطبية للقنب، ويعتقد رجل الأعمال والمؤلف كريمر أن شركات الأدوية يمكنها الآن أن تستثمر أكثر في أبحاث القنب، ويقول “إن الاعتراف على مستوى الأمم المتحدة يمهد الطريق الآن للشركات التي كانت مترددة في التعامل مع هذه القضية حتى الآن”.

وفي الواقع، لم تشارك أي شركة أدوية بعد مباشرة في شركة للقنب. ولكن هذا “سيتغير مستقبلا حال ساهم الواقع الجديد لاهتمام شركات الأدوية الكبرى، فالدراسات والأبحاث الخاصة بالاستخدامات الطبية للقنب معقدة ومكلفة للغاية”، بحسب كريمر. كما أنها كانت على نطاق ضيق فقط وليس بحال الدراسات الكبيرة التي تجريها الشركات الكبرى

المدير الإداري لشركة هيداي توقع أن يتم قريبا طرح أدوية جديدة جاهزة للاستخدام من نبات القنب، وهو ما يمكن أن يشجع الصناعة أيضا، لكن قبل كل شيء يعتقد كريمر “أنه يجب تغيير الصورة النمطية التي تشتهر بها هذه النبتة”.


نيكولاس مارتن
DW

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *