أبو عمر يُعرّينا!..
بقلم: مصطفى آغا
لم يكن انشغال الاوساط السياسية اللبنانية بانكشاف فضيحة انتحال شخص صفة امير خليجي عادياً او عابراً، فالشخص الذي يعمل حداداً للسيارات في وادي خالد ـ عكار، واطلق على نفسه لقب “أبو عمر” وتم تسويقه كأمير سعودي بتخطيط وتدبير من احد كبار المشايخ، ليس الاول ولن يكون الاخير ممن يمارسون عمليات النصب والاحتيال بهدف الكسب المادي.
المدهش في الأمر، هو زبائن او ضحايا هذا “الأمير الوهمي” وهم نواب وسياسيون ورؤساء أحزاب ووزراء يتصدرون شاشات التلفزة والصفحات الإعلامية ليل نهار بتصريحات وحكم ومواقف وطنية، وحنكة سياسية سقطت جميعها بضربة واحدة من مطرقة حدادة أبو عمر.
إستطاع الامير الوهمي ان يتعاطى مع ضحاياه، ليس مثل غازي كنعان او رستم غزالة او اي مفوض سامي ممن مروا على وطنٍ ابناءه يُفتنون بولاءاتهم الخارجية العابرة اكثر مما يفتخرون بانتماءاتهم الوطنية، فهو كان يتعامل معهم على طريقة “كوبرفيلد” او لاعبي الخفة اي انه كان يحرك الخيوط من وراء الستارة ويوجه التعليمات السياسية لضحاياه التي وصلت حسبما يقول البعض الى حد الإملاء عليهم باتخاذ قرارات ومواقف سياسية كبرى إن لجهة حضور جلسات البرلمان أو الهجوم على هذا الفريق أو ذاك، من دون ان يتجرأ أحدهم أو أن يعترض او ينطق بحرف، فضلا عن الوعود التي أطلقها لكثيرين بإعادتهم الى الندوة البرلمانية أو توزيرهم أو تحقيق أحلامهم بالوصول الى السراي الكبير.
وإذا كان من كلمة حق تقال، فإن أبو عمر لم يغرر بضحاياه، لم يجبرهم على الانبطاح امام رنة هاتفه، لم يستقبل اياً منهم يوماً في مكتبه ولم يعطهم اسمه او كنيته ولا المنصب الذي يشغله، بل هو قال لقبه ومشى، لكنهم تبعوه، تعلقوا به، انتظروا اتصالاً منه لكي يفرحوا أو أمراً لكي ينفذوه أو طلباً لا يمكن ان يردوه.
أبو عمر لم يُقبض عليه بتهمة إحتيال أو نصب، انما مع اعلان الفضيحة تم إلقاء القبض المعنوي على زبائنه بتهم الانبطاح والسذاجة والتفاهة التي ترقى إلى رتبة سياسي لبناني صغير في زمن غاب البعض ووإنكفأ البعض الاخر من الكبار.
أبو عمر لم يسئ الى لبنان ولا الى المملكة الشقيقة، انما بفعلته هذه كشف عن فئة من المتزلمين والمنبطحين ربما كانت صورتهم لا تزال ساطعة في أعين الناس.
مخطئ من يظن ان أبو عمر سيكون الاخير، ففي بلدنا اذا لم يجدوا أميراً يسوقهم اخترعوا الف أمير وأمير .
