انتصرنا بالمغرب العربي

كعادتي شبه اليومية أؤدي صلاة العصر بالمسجد المجاور لمنزلي مع جموع المؤمنين، رفاق الصلاة وكان هو اليوم 6-12-2022 لعبة كرة القدم بين فريقي المغرب، وأسبانيا.

توجهت إلى الله داعيا والدموع تنهمر من عيناي بأن يُفرح الله قلوب العرب كافة والمسلمين واصدقائهم من شعوب العالم بنصر مبين لفريق المغرب وحدث النصر الرياضي الكبير في المونديال المقام على أرض قطر السعيد، لقد غمرني الفرح والسرور والفخر بشكل غير مسبوق مع دموع مسكوبة لوحدها دون جهد مني وساد الفرح بالنصر كل الشعوب والدول التي ذكرناها أعلاه.   

كم هو النصر عظيم وكم هو الفشل ذميم، لا شيء أقبح من الفشل والخسارة وإن كان في الرياضة، فكيف عندما ينزل الفشل بدولة ما، وحكام فاشلون ومؤسسات وإدارات وأحزاب وجمعيات فاشلة وهذا مايتخبط به لبنان حاليا بما أنتجه حكامه الفاشلون.

بموجب هذا الإنجاز الرياضي الكبير الذي حققه الفريق المغربي بكرة القدم تأهل إلى الدور قبل الأخير في هذا المونديال الحضاري الانساني الذي تنتظر حضوره الشعوب كل اربع سنوات وتتعامل معه كأروع صورة تتجسد في الشعور الانساني حيث تعلو معاني الإنسانية والسلم والسلام وتحضر خالية من الاحقاد والضغينة والنزاعات وكأن الجماعة البشرية تعطي فرصة لنفسها ودولها وشعوبها للاطمئنان النفسي والمعيشي وللتعارف في ما بين البشر ويحضرني في هذا المقام الآية الكريمة من القرآن الكريم: (بسم الله الرحمن الرحيم، يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). ولعل هذا المونديال تحديدا وبقطر التي أدهشت العالم بكل عوامل النجاح في جميع المجالات كان إيذانا لأهمية التلاقي بين الإنسان وأخيه الإنسان على قيم الحرية بمضامينها العميقة التي جاءت، بالعبارات الخالدات التي أطلقها خليفة رسول الله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا»، وعلى قيم العدل والعدالة بسيادة الحق وازهاق الباطل إن الباطل كان زهوقا.

انتصارا لهذه المعاني السامية على الارض العربية التي اختصها الله مكانا دون غيرها لبعث رسالاته السماوية الخالدة وأنبيائه ورسله جميعا وعليه كانت فلسطين الأبرز حضورا وإن لم تترشح للمونديال كمنتخب عربي لكن حضورها كان ساطعا ومدويا في هتافات الجماهير وقلوبهم وصل صداه العالم، فلسطين حرة وبكل لغات العالم فلسطين حره وأعلام فلسطين التي حملتها الجماهير على كل مدرجات الملاعب الثمانية وعلى أرض الملعب وكلهم يلوحون بأعلامك يا فلسطين وتعلو هتافاتهم وأصواتهم، فلسطين حرة فلسطين عربية وستبقى عربية وستعود حرة عربية واستكملت الهتافات عن غزة ورفح ورام الله والقدس عاصمة فلسطين والسماء العليا وكانت استفتاء عالميا مباشرا ومن الملايين ومن جميع الاجناس وبدون صناديق انتخابات بل بقلوب بشرية عربية وأعجمية وغربية وأفريقية وآسيوية وأميركية ومن كل الأجناس الحاضرة في هذا التلاقي البشري المسالم، فكنت يا فلسطين عروسة هذا الحدث العالمي وأيقونته وكنت الشهادة والشاهدة الحق بإدانة الاحتلال والمحتلين وعزلهم عن الجموع البشرية وهم يرمزون بوقفاتهم هذه، (وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً).

وحل السبت 10-12-2022 موعد اللقاء بين فريقي المغرب والبرتغال، وكررت الدعاء مع إخوتي المصلين خلال صلاتي المغرب والعشاء وعيوننا تمتلئ بالدموع وكان النصر المبين، وما النصر إلا من عند الله.

وعظيم الشكر لله رب العالمين وهو الرحمن الرحيم دعيناه فاستجاب، وساد الفرح الكبير والسرور العميق والشعور الواحد الموحد الذي غمر كل عربي من المحيط الى الخليج العربي وكثير من شعوب اسيا وأفريقيا واميركا اللاتينية وكل شعوب دول عدم الانحياز والحياد الإيجابي التي ذكرونا بوقفاتهم المماثلة اثناء قرار الزعيم الخالد جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس ولينتبه كثير من قادة العرب كيف الامة العربية الخالدة توحدت بالشعور بهذا الانتصار المغربي الهائل الرياضي وكم سياساتهم وسياسات كثير من أحزابهم وحكوماتهم ولدت حروبا أهلية وأوجدت بالخزي والعار دعوات عنصرية طائفية ومذهبية وأوهاما بأحلام السيطرة والنفوذ وأيدي أجنبية تمتد لتمسك بعواصم ومدن وأراضي بل جماعات عربية للأمة التي جعلها الله خير أمة أخرجت للناس.

ألف مبروك لأمة العرب وللمملكة المغربية وللفريق الرياضي المغربي ولاعبيه ومدربيه ولكل من ساهم بهذا الإنجاز التاريخي ولكل من دخل الفرح والسرور الى قلبه بهذا النصر التاريخي. والتبريك والتحيات لفلسطين وشعبها المقاوم حتى انجاز التحرير مع أمته العربية وأنصار الحق والحقيقة في العالم، وأختم بتعليق ذي مغزى كبير لأحد المذيعين الألمان بقوله المذاع تعليقا على هذا الانتصار عن المغرب والعرب: «هم تعلموا الكرة منا وأصبحوا يتقنوها وتجاوزونا، ونحن يجب أن نتعلم الأخلاق منهم علَّ وعسى أن نرى امهاتنا تعانقنا يوما ما في المدرجات :گأمهاتهم»، وتعليق اخر ما نشرته صحيفة صهيونية «أظهر مونديال قطر أن عالم الشعوب العربية بعيدة كل البعد عن التطبيع مع اسرائيل»، وبحدث دولي عالمي سوف يترك تداعياته بلجم أزمنة استعمارية وقوة غاشمة احادية الى عالم جديد أنجزته مملكة الخير، وبلقاءات قمم لدول الخليج، ودول عربية مع رئيس الصين وإقامة شراكة استراتيجية عربية صينية. وأذكر المؤمنين بأن الرياضة البدنية من صميم قواعد الشرع الحنيف مصداقا لقول رسول الله (ص) علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *