شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – مسرح الخيبة

يبدو الكلام على مسرحية جلسات الانتخابات الرئاسية عبثياً، ومن نافل القول تكرار الكلام فيه وعليه. فمن أسفٍ تحولت المسألة إلى منبر يستفيد منه بضعة نواب من مختلف الاتجاهات والأطياف (كي لا نقول إنهم يستغلونه)  للتوجه الى أتباع أحزابهم في محاولة لا تقدم ولا تؤخّر لمواصلة عرض مواقفهم، المعروفة سلفاً، دفاعاً عنها وتبليعها إلى الناس، وبالتالي نقض الرأي الآخر وتسخيفه.

إنه المشهد ذاته، والمسرح إياه وخشبته ذاتها: ساحة النجمة.

وأبدع ما في هذا المشهد محاولة بضعة أفراد التذاكي على الرئيس نبيه بري، الذي عجنها وخبزها وهو الأكثر خبرة في تفاصيلها وطرقاتها وحتى زواريبها… ومع أن أجوبته القاطعة تأتي حفراً وتنزيلاً، إلّا أنه يحرص على ألّا يقفل الباب في وجوه مَن يتشاطرون بالمداخلات التي تتحجّج بالكلام «بالنظام» في بروباغندا مكشوفة.

وكذلك في مدار هذا الإبداع، يُشار إلى أولئك النواب الذين يتبارون في البحث الدستوري، ومعظمهم لم يقرأوا الدستور باستثناء قلة منهم تقرأ وتستوعب وتعي.

والسؤال الذي يطرح ذاته، وبإلحاح شديد، هو: أوَليس لهذا الليل من آخر؟ وهل يستمر عرض المسرحية إلى الأبد أسوة بالمسرحيات الفنية الرائعة التي تشهدها مسارح برودواي ولندن وتُقدَّم على الخشبة ذاتها سنوات طويلة، مثال مسرحية «الملك وأنا» التي عادت هوليوود فانتجتها فيلماً سينمائياً استثنائيَّ الروعة من بطولة العملاق يول براينر الذي كان هو أيضاً بطل المسرحية.

والمفارقة أن «المسرح الانتخابي» في ساحة النجمة لا يُقدم لنا سوى المشهد الرتيب المقدّر له أن يبقى، من دون نهاية، أمداً طويلاً، إلى أن تأتي كلمة السر من الخارج، مع استدراك مهمّ، وهو أن الخارج يجب أن يكون متوافقاً في ما بين بضعٍ من عواصمه، وإلّا بقي القوم عندنا يراوحون في الزمان والمكان، وأيضاً في الخيبة الكبيرة.

ولعل أكثر ما يوجع في المسألة الرئاسية أن اللبنانيين باتوا يألفون الفراغ، فالشغور في قصر بعبدا لم يعد يعني لهم شيئاً أو يسبب لهم قلقاً… وكذلك لم يعد عدم وجود حكومة ذات وضع طبيعي يشغل لهم بالاً.

إنها حال من التراخي ترجع إلى أسباب عديدة من أبرزها أن معظم النواب الذين وصلوا إلى الندوة البرلمانية من رحم «الثورة» وباسمها شكّلوا خيبة الخيبات!

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *