شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – سرير اكسترا

نحن من الذين يقولون إن نقل جلسات مجلس النواب المخصصة للمناقشة، بما فيها جلسة درس وإقرار قانون المناقشة العامة، ليس ذا فائدة على الإطلاق، والعكس صحيح، فقد تحول منبر ساحة النجمة إلى منصّة للاستعراضات والمزايدات وعرض العضلات وشبه ورقة «عرض حال» أمام الناس، الذين أثبتت الإحصاءات الرصينة أنهم أخذوا يصرفون اهتمامهم عن هكذا «بروباغندا» سمجة إلى سلّة الهموم الكبيرة التي تأكل معهم في الصحن، وما أكثرها، وهي على صلة بالوضع الإنساني والمعيشي الضاغط عليهم حتى السحق… مع الاعتراف بأن بعضاً من المداخلات لم يخلُ من القيمة والجودة والجدية.

اللبناني مهتم بلقمة العيش، وببدل النقل، وبالقسط المدرسي، وبالكتب التي بات ثمنها يفوق الأقساط، وجرعة الدواء، وبـ«إكرامية» الطبيب التي هي أعلى من الحد الأدنى للأجور (…) أما سائر متطلبات الحياة الرغدة فتحوّلت إلى كابوس بعد أن كانت جزءاً من مميزات نمط العيش للبنانيين، بمن فيهم متواضعو الدخل.

ولقد كان لافتاً في «مهرجان الموازنة» الذي بدأ أمس ويمتد إلى اليوم، أن الذين تحدثوا، أمس، جميعاً، انتقدوا مشروع الموازنة بقوة. وهذا أمر جيد كونها – في حد ذاتها – تُشكل مخالفة دستورية أقلّه بسبب عرضها على المناقشة فالإقرار بما تصح تسميته بـ «المفعول الرجعي»، فالمجلس يبحث اليوم موازنة العام الحالي 2022 بعد تسعة أشهر مضت منه، بينما كان يجب إقرارها، بموجب الدستور، قبل انقضاء العام 2021. وهذه، واحدة من المخالفات الدستورية في هذه الموازنة.

في ما مضى لم تكن التكنولوجيا تمكّن النواب من نقل استعراضاتهم مباشرة إلى الناس، فكانوا يتكلون، علينا، معشر الصحافيين، لتعميمها خصوصاً في الصحف الورقية. ولما كنا نعرف نقطة ضعفهم هذه، كنا «نقرّر» وقف الجلسة بأسلوبنا، فما أن نضيق ذرعاً بهم وبمناقشاتهم حتى نتبادل النظرات ونقف لنغادر، فيبادر رئيس المجلس إلى رفع الجلسة، لأن الوقائع (بما فيها المناقشات والمزايدات) لم يعد لها مَن ينقلها إلى الرأي العام.

إلى ذلك يبقى الأهم تشكيل الحكومة، وقد وعدنا الرئيس نجيب ميقاتي بأنه سيلتقي شريكه في عملية ولادة الحكومة الجنرال ميشال عون فور عودته من لندن ونيويورك (ممثلاً الرئيس عون ولبنان في مراسم جنازة الملكة اليزابيت الثانية، وفي أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة) وأنه سينام في قصر بعبدا حتى تطلع التشكيلة… فهل سيوفرون له سريراً «على القياس»؟!.

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *