محاولة الفوز بأغلبية “تخريب”.. الصين تشدد حملتها القمعية في هونغ كونغ


صعّدت الصين حملة القمع في هونغ كونغ بشكل كبير، الأربعاء، مع إلقاء الشرطة القبض على حوالى 50 شخصية معارضة، في أكبر عملية لسلطات المدينة منذ فرض قانون الأمن القومي فيها.

في العام 2020، بدأت السلطات الصينية تعيد إحكام قبضتها على المستعمرة البريطانية السابقة التي شهدت في العام 2019 تظاهرات شعبية غير مسبوقة.

وتشكل هذه التوقيفات دليلا جديدا على الحملة الرامية إلى إسكات المطالبين بالديموقراطية، خصوصا وأنها ترتبط بمعظمها بالانتخابات التمهيدية التي نظمتها المعارضة في الصيف، سعيا لانتزاع الغالبية في الانتخابات التشريعية في أيلول/ سبتمبر الماضي.

وأكدت الشرطة أنه تم القبض على 53 شخصا بينهم محام أميركي بتهمة التخريب في عملية نفذها ألف عنصر.

ووصف وزير الأمن في هونغ كونغ، جون لي، التوقيفات بأنها “ضرورية”، قائلا إنها استهدفت مجموعة من الأشخاص الذين سعوا إلى “إغراق هونغ كونغ في هوة سحيقة”.

ودافعت الحكومة الصينية، الأربعاء (السادس من كانون الثاني/ يناير 2021)، عن الاعتقالات، معلنة أن الموقوفين “قوى وأفراد من الخارج”، يقوضون استقرار المدينة ذات الحكم شبه الذاتي والصين.

وردا على سؤال خلال مؤتمر صحافي، أكدت الناطقة بإسم وزارة الخارجية الصينية، هوا شونيينغ، أن حرية مواطني هونغ كونغ لن تتأثر بل “فقط حرية بعض القوى الخارجية والأفراد في هونغ كونغ الذين يتعاونون في محاولة لتقويض استقرار الصين وأمنها”.

وأفاد مصدران بارزان في الشرطة طلبا عدم كشف اسميهما عن “حوالى 50” عملية اعتقال نفذتها الوحدة المسؤولة عن التحقيق في المخالفات المتصلة بقانون الأمن.

ووفق حسابات شخصيات بارزة في المعارضة على فيسبوك وتويتر، فقد أوقف ما لا يقل عن 48 شخصا معظمهم بتهمة “التخريب”.

إطفاء شعلة المقاومة

قال أنطوني بلينكين، الذي اختاره الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن وزيرا للخارجية في إدارته المقبلة، إن توقيف حوالى 50 شخصية مؤيدة للديموقراطية في هونغ كونغ، الأربعاء، يمثل “هجوما” على “الحقوق العالمية”.

وكتب بلينكين، على حسابه في تويتر، “عمليات التوقيف الجماعية لمتظاهرين مؤيدين للديموقراطية هي هجوم على الذين يدافعون بشجاعة عن الحقوق العالمية”. وأضاف أن “إدارة بايدن- هاريس ستقف إلى جانب شعب هونغ كونغ ضد حملة بكين الرامية إلى قمع الديموقراطية”.

وتم، الأربعاء، استهداف مجموعة واسعة جدا من الحركة المؤيدة للديموقراطية في هونغ كونغ تشمل برلمانيين سابقين، مثل جيمس تو، وأندرو وان، ولام تشوك تينغ، وكلوديا مو، وناشطين أصغر سنا.

ومن بين هؤلاء، الناشطة غوينيث هو، وهي صحافية سابقة تبلغ من العمر 30 عاما، وتيفاني يوين، وهي عضو مجلس محلي تبلغ من العمر 27 عاما.

وأكد أقارب جوشوا وونغ، أحد أبرز الشخصيات المؤيدة للديموقراطية والمسجون حاليا، على حسابه في فيسبوك، أنه تم تفتيش منزله.

كذلك قامت الشرطة بتفتيش مكتب شركة محاماة تعمل في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان. وألقي القبض على المحامي الأميركي، جون كلانسي، الذي يعمل لحساب هذه الشركة، وفق مصادر مطّلعة، وهو أول أميركي يتم توقيفه بموجب القانون الجديد.

وقال المحامي المقيم بصفة دائمة في هونغ كونغ للصحافيين، فيما كانت تقتاده الشرطة، “واصلوا العمل من أجل الديموقراطية وحقوق الإنسان في هونغ كونغ”.

كما استهدفت عملية الشرطة وسائل الإعلام. وقالت ثلاث مجموعات صحافية، هي “ستاند نيوز” و”أبل ديلي” و”إنميدياك”، إن عناصر من الشرطة حضروا إلى مقراتها.

وقال المحامي أنطوني دابيران، مؤلف كتاب عن الحركات الاجتماعية في هونغ كونغ، “إنها أوسع عملية هجوم، حتى الآن، ضد الديموقراطية في هونغ كونغ”.

واتهم نايثان لو، وهو زميل لجوشوا وونغ تم نفيه في تموز/ يوليو، السلطات بالسعي “لإطفاء شعلة المقاومة”.

“استفزاز خطير”

لكن شخصيات مؤيدة للديموقراطية قالت إن هذه التوقيفات مرتبطة بالانتخابات التمهيدية التي نظمتها المعارضة في تموز/ يوليو قبل الانتخابات التشريعية، على أمل الاستفادة من شعبية التظاهرات.

غير أن الحكومة أرجأت الانتخابات، المقررة أساسا في أيلول/ سبتمبر 2020، بحجة تفشي الوباء.

وكان الهدف من الانتخابات التمهيدية، التي شارك فيها أكثر من 600 ألف من سكان هونغ كونغ، تجنب تشتت أصوات المعارضة وتسمية المرشحين الـ35 لمقاعد المجلس التشريعي (ليغكو، البرلمان المحلي) التي يحددها اقتراع عام، فيما تمنح البقية، وفقا لنظام معقد يضمن بشكل شبه مؤكد أغلبية للكتلة المؤيدة لبكين.

وكانت المعارضة تأمل في الفوز بالمقاعد الـ35، وبالتالي الحصول، للمرة الاولى، على أغلبية في المجلس التشريعي من أجل تشكيل قوة مضادة حقيقية للسلطة التنفيذية في هونغ كونغ المتحالفة مع بكين.

وقدمت الصين الانتخابات التمهيدية على أنها “استفزاز خطير”، وحذّر مسؤولون صينيون، في ذلك الوقت، من أن أي محاولة للفوز بأغلبية وعرقلة سياسات الحكومة تعتبر “تخريبا” بموجب قانون الأمن القومي الجديد.

وكان هذا القانون، الذي فرضته بكين، بمثابة رد على التظاهرات الحاشدة التي نظمت في العام 2019 ضد التدخل الصيني.

ويعتبر منتقدو هذا القانون أنه يجهز على الحكم شبه الذاتي لهونغ كونغ، رغم أنه مضمون نظريا حتى العام 2047 بموجب مبدأ “دولة واحدة ونظامان”.


AFP

Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *