مجروح بعمق.. دياب في حديث مطوّل: بطلع آخر شي أنا الفساد.. لا تكفي الكفاءة ونظافة الكف والوطنية للنجاح


رأى رئيس حكومة تصريف الأعمال، الدكتور حسان دياب، في دردشة مع الصحافيين، “أن الوافدين، من الخارج إلى لبنان، هم من ضمن العوامل التي تساهم في انتشار وباء كورونا، لكن المشكة الأساسية هي داخلية بسبب عدم التزام المواطنين بالإجراءات الوقائية المطلوبة كارتداء الكمامة والتباعد الاجتماعي”.

ولفت الرئيس دياب إلى “أن المؤشرات التي تحدد المخاطر هي نسبة الوفاة من المصابين التي ما زالت نسبتها قليلة مقارنة مع الدول الأخرى، وكذلك عدد أسرّة العناية الفائقة المتوفرة لمرضى الكورونا”.

وقال: “إننا في سباق مع الوقت، ولهذا أغلقنا البلد لمدة أسبوعين مؤخرا، وخلال هذه المدة، تمكنا من زيادة عدد الأسرّة في المستشفيات الحكومية والخاصة. لدينا خشية من أن نصل إلى النموذج الإيطالي، أي أن لا يجد المصاب بكورونا سريرا في المستشفى، ولذلك نعمل على استدراك هذا الخطر”.

وردا على سؤال عن احتمال العودة إلى الإقفال بعد الأعياد، قال الرئيس دياب: “قلت وأكرر، في حال لمسنا عدم الالتزام، وارتفعت نسبة الإصابات، سنذهب إلى إقفال البلد حتما، لكن حتى الآن أعداد المصابين مقبولة. أما الأهم فهو عدد الوفيات والحالات الطارئة التي تتطلب عناية فائقة، ومن حسن حظ اللبنانيين أن النسبة الأكبر منهم من فئة الشباب، في المقابل، في أوروبا النسبة الأكبر فئة كبار السن، وهذا يساعدنا. أما خطر العدوى في المدارس فلا يشكل خطرا، وحتى الآن الإصابات منخفضة جدا، والمشكلة في المدارس أنها ليست مجهزة ببنية تحتية وتدريب الأساتذة للتأقلم مع أزمة الكورونا”.

أضاف: “ننتظر اجتماع اللجنة التقنية، ولجنة الإختصاصيين في وزارة الصحة، لتزويدنا بالإحصاءات المطلوبة، وحتى الإثنين المقبل، سنعقد اجتماعا للجنة الوزارية لاتخاذ قرار في موضوع الإقفال”.

وعن موضوع إقفال المطار، قال رئيس الحكومة: “نحن أول دولة أغلقنا المطار، نسبة الإصابات التي تتأتى من الوافدين عبر المطار ضئيلة جدا، ولا يمكن إغلاق لبنان وعزله عن الخارج، فضلا عن الفائدة الاقتصادية للبلد. لكن في حال تبين لنا زيادة الحالات المصابة الوافدة من الخارج، قد نلجأ إلى إقفال المطار، والأمر متوقف على إحصاءات ومعلومات اللجان المختصة. أي قرار يصب في مصلحة اللبنانيين سنتخذه، بناء على المنطق العلمي وليس السياسي”.

أضاف:”طلبت من وزير الداخلية، هذه الفترة، متابعة الإصابات التي تأتي من الخارج، وحتى الآن، لدينا حالة واحدة فقط من بريطانيا بالسلالة الجديدة. والكورونا المتحوّل موجود في أوروبا من أيلول الماضي وليس الآن، ولا يمكننا إقفال البلد على العواصم الأوروبية، سيما وأن هناك طلابًا يريدون زيارة أهاليهم في لبنان في فترة الأعياد. لذلك، وضعنا خطة للعودة الآمنة من الخارج مع إجراءات صارمة، وإخضاع الوافد إلى 3 فحوصات P.C.R، الأول، قبل صعوده في الطائرة، والثاني، عند وصوله إلى مطار بيروت وثلاثة أيام حجر منزلي، ثم فحص ثالث للتأكد من عدم إصابته. المشكلة الأساسية التي ترفع الأعداد هي من الداخل متمثلة بعدم الالتزام، لذلك أدعو جميع اللبنانيين إلى الالتزام، حرصا على سلامة أفراد عائلاتهم، وبصورة خاصة المسنين منهم، وإذا التزمنا الآن، كما في أشهر شباط وآذار ونيسان، سنتعدى حتما الموجة الثانية من الوباء”.

وعن عدم توفر المختبرات الكافية التي تجري فحوصات للكشف عن المصابين بالسلالة الجديدة أجاب: “توجد مختبرات، لكن الالتزام ضروري جدا، فلا يمكن وضع شرطي على باب كل مواطن، وضعنا إجراءت صارمة كأول خط دفاع، ثم حجر منزلي في المنازل، ثم فحص ثالث للتأكد من عدم إصابة الشخص”.

وردا على سؤال حول قرار قاضي التحقيق العدلي في قضية المرفأ، فادي صوان، والموقف في حال طلب صوان مجددا التحقيق مع رئيس الحكومة، قال الرئيس دياب: “الدستور فوق كل شيئ، وأنا أحتكم إلى الدستور، والمادة 70 هي التي تحكم في هذا الموضوع، وإذا هناك ادعاء، وملف، فليرسله إلى مجلس النواب. أكن كل الاحترام إلى القضاء، وأنا أول من وقّع التشكيلات القضائية من باب احترام القضاء واستقلاليته”.

وردا على سؤال عن طلب تنحي القاضي صوان وطرح قاضٍ آخر، قال: “لا ولن أتدخل في عمل القضاء، ولم أسأل، ولم أقدم اي اقتراح في هذا الأمر”.

وسأل الرئيس دياب هل كان أحد من اللبنانيين يعرف، قبل 4 آب، ماذا يعني “نيترات الأمونيوم؟ أول تقرير رسمي وصلني في 22 تموز. سبب عدم زيارتي للمرفأ هو إبلاغي بـ3 معلومات مختلفة، على مدى ساعتين في 3 حزيران. الأولى، وصلتني من الأجهزة الأمنية، بالصدفة، بوجود 2000 كيلوغرام من “تي أن تي” في المرفأ، وفورا، طلبت ترتيب زيارة إلى المرفأ، وأثناء التحضيرات الأمنية لزيارتي، تبين أن هناك معلومات مغايرة عن التي تبلغتها بداية، أولا، أن وزنها 2500 طن، وليس 2000 كيلو، وثانيًا، أنها ليست “تي أن تي” بل “نيترات”، والتي لم نكن نعرف عنها شيئا. وعندما بحثنا في الانترنت، تبين أنها سماد كيماوي، والمعلومة الثالثة، أن هذه المواد موجودة في المرفأ منذ سبع سنوات، وليست جديدة. أبلغتهم أنه طالما أن الملف ما زال قيد التحقيق، وأن هناك ثلاث معلومات مختلفة، فليستكمل التحقيق وينجز الملف ويرسله لي، وحينها أزور المرفأ على بينة. فوصلني التقرير في 22 تموز”.

وتابع دياب : “لنفرض إني زرت المرفأ في 4 حزيران، وكشفت على العنبر 12، سأقوم بإرسال كتاب إلى المسؤولين الأمنيين الذين يعرفون بالأمر أصلا، منذ سبع سنوات. هل يعرف أحد متى فتحت الفجوة في العنبر رقم 12 ومن فتحها؟ تقرير «أف بي آي» كشف بأن الكمية التي انفجرت هي 500 طن فقط، فأين ذهب 2200 طن؟ من هو صاحب السفينة؟ وكيف دخلت؟ ومن سمح لها بذلك؟ ومن صمت عن ذلك كل هذه الفترة؟ هل تعرف الأجهزة الأمنية بذلك؟ لقد عقدنا 20 جلسة للمجلس الأعلى للدفاع هذا العام، ولم يخبرنا أحد من الأمنيين بذلك. طلبت من الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع، اللواء محمود الأسمر، البحث في محاضر اجتماعات المجلس هل ذكرت كلمة “نيترات”، فمنذ الـ2014 حتى الآن، لم يبلغ أحد من المجلس الأعلى للدفاع رئيس الجمهورية كرئيس للمجلس بوجود هذه المواد”.

وتابع الرئيس دياب: “لو كان لدي شعور بوجود خطر في موضوع المرفأ، لكنت تحدثت فورا مع رئيس الجمهورية، ولم أكن لأغطي على هذا الإجرام الذي حصل في العام 2013. عادة تصلني عشرات التقارير الأمنية الرسمية و90 في المائة منها يتبين أنها غير صحيحة”.

وقال الرئيس دياب: “أنا مجروح بعمق. أتيت منذ البداية لكي أحارب الفساد «بطلع آخر شي أنا الفساد»؟! لأني لم أزر المرفأ؟! وصلني التقرير في 22 تموز، وحولته رأسا إلى الوزراء المختصين، وصودف وجود إقفال بموجب قرار التعبئة العامة بسبب وباء كورونا، وعيد الأضحى، وعيد الجيش. هل هذا أمر مدروس؟ هناك شيئ غير طبيعي في الأمر. أنا لا أؤمن بالصدف. أنا أول رئيس فتح الباب للقاضي صوان، وعندما اتصل بي القاضي غسان عويدات وقال لي “عندك مانع يشوفك القاضي صوان الثلاثاء، أي بعد خمسة أيام، فقلت له فليأت الآن، وأتى وأخبرته بكل شيء”.

وردا على سؤال عن تحديد المسؤوليات بعد التفجير، قال: “لست القضاء لأحدد المسؤوليات، أنا حاربت لكي تحوَّل القضية إلى المجلس العدلي. أريد أن أوضح بأن لجنة التحقيق، التي شكلتها، هي لجنة تحقيق إدارية، وليست لجنة قضائية، ورفعت توصيات إلى مجلس الوزراء، ولهذا السبب، أخرت استقالة الحكومة لكي نمرر القرارات التالية: نقلنا القضية من المحكمة العسكرية إلى المجلس العدلي، وهذا يتيح للمتضررين رفع دعاوى، وهذا ما حصل. وثانيا، اعتبار ضحايا المرفأ كشهداء الجيش لجهة التعويضات والمخصصات. موضوع المئة مليار ليرة التي وزعها الجيش على المتضررين من الانفجار (11300 منزل)، إضافة إلى 22000 منزل عبر مؤسسات المجتمع المدني، كما اتخذنا قرارا بأن أي مسؤول فئة أولى يتم توقيفه، نضعه في تصرف رئيس الحكومة”.

أما عن تفعيل الحكومة، فقال الرئيس دياب: “أعلنت من الصرح البطريركي، في 18 تموز الماضي، أنني لن أستقيل، لأن الانقسام السياسي العامودي في لبنان لا يسمح بتشكيل حكومة أخرى، وقد نبقى في تصريف أعمال لمدة طويلة، وهذه جريمة في حق لبنان، لأن حكومة تصريف الأعمال لا تستطيع الاجتماع واتخاذ القرارات، لكن عندما وقع إنفجار المرفأ، أخلاقيا، أي حكومة في العالم يجب أن تستقيل”.

وعن استقبال الرئيس دياب للرئيس سعد الحريري في السرايا الحكومية، وتضامن رؤساء الحكومة السابقين والطائفة السنية معه، “انطلقت من الدستور والمادة 70، فأنا أعتبر إنني رئيس حكومة كل اللبنانيين، وأحتكم إلى الدستور”.

وعما إذا كان الرئيس دياب شعر بخوف وقلق مما يحضّر له من خلف قرار القاضي صوان، قال: “أنا مؤمن ولست ضعيفا، بل قويا لأنني أقول الحقيقة، لست من بيت سياسي، ولا أريد أن أكون كذلك، ولن أترشح للنيابة، وإذا طلب مني ترؤس لائحة نيابية سأرفض، قلت، منذ خطاب التكليف، أعتبر نفسي قويا لأني لا أريد شيئا لنفسي”.

وعن الموقف من موضوع رفع الدعم، قال: “موقفي حاسم، منذ تموز الماضي، أنني أرفض رفع الدعم، أما مسألة الترشيد فصحيحة، لأن الأغنياء لا يجب أن يستفيدوا من الدعم الذي يجب أن يتوجه إلى المحتاجين فقط. طلبت من حاكم مصرف لبنان تحديد المبلغ المتبقي للدعم، فسمعنا في الإعلام أنه لدينا ملياري دولار، وهو مبلغ يكفي في الحد الأدنى ستة أشهر ريثما نجد حلولا أخرى، المواطن المحتاج والفقير لديه أولوية، لذلك موضوع البطاقة التمويلية أساسي، القرار يجب أن يكون مشتركا بين حكومة تصريف الأعمال والمجلس النيابي ومصرف لبنان. أرسلت تصورا إلى مجلس النواب، وتحدثت مع الرئيس نبيه بري، وسيناقش التصور في اللجان المشتركة، وطلبت من الوزراء التعاون الكامل مع اللجان النيابية لإيجاد الحل المناسب”.

وعن الأسباب التي منعت الرئيس دياب من اتخاذ قرارات شعبية ضد الفساد وتسمية الأمور بأسمائها، “هناك منظومة فساد كاملة، لا أملك الملفات الكاملة، وبالتالي، لا أستطيع أن أسمي لكي لا أظلم أحدا، لسنا حكومة ثورية، بل نعمل ضمن الدستور والنظام، أما في حال توصل التدقيق الجنائي إلى كشف مكامن الفساد، كما سيحصل في التدقيق بحسابات مصرف لبنان، حينها نسير في الطريق القضائي الصحيح، لن أسمي من دون معطيات، هناك منظومة سياسية مالية اقتصادية مترابطة، لكن أحارب الفساد من ضمن النظام، وليس بتكسير الأملاك العامة كما حصل خلال الأحداث في الشارع الذي لا يخدم ثورة ومطالب اللبنانيين”.

وعن المسار النقدي بعد رفع السرية المصرفية، قال: “تأخرنا كثيرا في المزايدات السياسية والخلاف السياسي، دعوت الجميع، منذ البداية، لنجتمع ونتعاون لحل الأزمات الاجتماعية، والمالية، والمصرفية، المتراكمة منذ عشرات السنين، وطلبت من المصارف، في 11 شباط الماضي، عندما كان لدينا 75 في المئة من “اليوروبوند”، أي لدينا حق القرار بإعادة جدولة الديون، وكنا تجنبنا التعثر، وبالتالي لا نبيع السندات، لكن ما حصل أن المصارف باعت قسما كبيرا من السندات، وانخفضت النسبة إلى 58 في المئة، وبقيت السيولة في الخارج، لو أجرينا إعادة جدولة الدين، أي تأجيل الدفع لعشرين سنة لـ4.6 مليار دولار مستحقة للعام 2020، وخمسة مليار 2021، وخمسة مليار للعام 2022، لكنا تنفسنا ماليا واقتصاديا لثلاث سنوات”.

وعما يمكن للرئيس سعد الحريري تقديمه، ولم يستطع الرئيس دياب تقديمه، قال: “قبول المجتمع السياسي، لا تكفي الكفاءة، ونظافة الكف، والوطنية للنجاح، بل يجب أن يتوافر التوافق السياسي. كنت أول رئيس حكومة يعرف أنه سيكلف بتشكيل الحكومة قبل ثلاثة أيام”.


Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *