السنيورة في حديث مطوّل: رئيس الجمهورية يتدخل بالقضاء ويخرق الدستور


رأى الرئيس فؤاد السنيورة في حديث الى محطة «ال.بي.سي»، أن “جريمة تفجير مرفأ بيروت هي قضية كبرى لكونها تحمل معها الكثير من الارتياب والشكوك والتساؤلات بشأن كل ما يتعلق بها”. وقال: “هذا الامر الذي استدعانا في الساعات الأولى من الانفجار، لان نطالب بتحقيق دولي أو عربي على الأقل، حتى يتمكن اللبنانيون من معرفة الحقيقة كاملة، وأن نجنب القضاء اللبناني الكثير من الاحراجات والضغوط التي يمكن أن تمارس عليه. ولقد تبين حتى الآن أن حدسنا وتخوفنا من ذلك كان صحيحا”.

أضاف: “عندما يجري تحقيق دولي، لا يعود هناك من محظورات أو اعتبارات لأي أحد يمكن أن يعيق التحقيق. وأذكّر هنا بما حصل، عندما وقعت الجريمة وبدأ التحقيق عبر القضاء اللبناني، استمع المحقق للوزراء ولرئيس الحكومة، وهذا من حقه وواجبه. ثم أرسل رسالة الى مجلس النواب، قال فيها أن لديه شبهات جدية على جميع رؤساء الحكومة والوزراء المعنيين الاثني عشر. وأودع مجلس النواب ذلك الخطاب، ولم يودعه كما ينبغي، الملف الكامل. ثم أخذ المبادرة بأن عاد عن تلك الرسالة. لقد قام بذلك دون أن يبدي حرصه على احترام الدستور. وفي هذا الصدد، يجب تحديد ما هي طبيعة هذه الجريمة، هل تتعلق بالإخلال بالمهام الدستورية الملقاة على عاتق الوزراء ورئيس الحكومة، ام انها جريمة عادية؟ هذا الامر يجب أن يبينه المحقق العدلي”.

وتابع: “هذه الجريمة لا تنحصر فقط في البحث في تفجير كميات من المواد الخطيرة، بل الأسئلة، التي يبدو أنه يصار إلى التعمية عليها، تعود إلى كل ما سبق التفجير وأوصل إلى الاتيان بتلك الكميات، وإنزالها في مرفأ بيروت وخزنها في العنبر رقم 12، ومن كان وراءها، ومن هو صاحبها، ومن هي تلك اليد الخفية التي كانت تسعى، بشكل او بآخر، إلى أن يستمر وجود تلك الكميات في المرفأ طوال هذه المدة. وحيث أصبحت المسألة موضوع تقاذف بين المسؤولين في الإدارات، والأجهزة القضائية، والعسكرية، والأمنية، عبر كم كبير من الرسائل والاحالات التي كانت تتم فيما بينها ودون أن يتوصل أولئك المسؤولون إلى قرار بإنهاء وجود تلك الكميات الخطيرة في عنابر مرفأ بيروت”.

وأردف: “باعتقادي هذه جريمة تتعلق بالإخلال بالمهام الدستورية للوزراء، ولرئيس الحكومة، وأيضا لرئيس الجمهورية. وكما تبين لنا أنه حصل إعلام رسمي بوجود تلك المواد الخطرة لرئيس الحكومة، كما لرئيس الجمهورية. وأنا شخصيا، استمعت إلى ما قاله رئيس الجمهورية أنه في العشرين من تموز جرى إبلاغه بذلك، ومدة 15 يوما مهلة كافية لتفكيك حتى قنبلة نووية”.

وقال: “ان رئيس الجمهورية ليس رئيسا عاديا، فهو قائد جيش اسبق، وهذه الجريمة تتناول مواد قابلة للتفجير، وهو أعلم من غيره بما يعني وجود تلك الكميات الخطرة في المرفأ على مقربة من المناطق السكنية. كان عليه المسارعة، فور العلم بذلك، إلى الحرص على اتخاذ وتنفيذ ما ينبغي من إجراءات، ومتابعة الأمر، وبشكل مثابر، حتى الوصول إلى الحؤول دون حصول أي خطر يمكن أن يحصل”.

ورأى الرئيس السنيورة أنه “لا يبدو أن إعلام مجلس الوزراء قد حصل، وهذا من المفروض على قاضي التحقيق أن يتحقق منه. رئيس الحكومة أيضا تبلغ، والاثنان مسؤولان”.

وعن استدعاء رئيس الحكومة، قال: “عندما أرسل القاضي رسالته إلى المجلس كان عليه أن يتبصر في الانطباع الذي سيتولد عند الناس. لقد بعث برسالة يقول فيها أنا عندي شبهات جدية بشأن أربع رؤساء حكومة و12 وزيرا، وما رأيناه أنه يتهم ويدعي على رئيس حكومة و3 وزراء فقط. المفروض به أن يطمئن الناس الى أن ما يقوم به عادل وليس انتقائيا”.

وعن أسباب تصرف القاضي فادي صوان، قال: “أظن أن هذا الامر قد يشير الى التدخلات بالجسم القضائي. وهنا أسأل الذين يتباكون على القضاء، وأهمية احترامه واستقلاليته، أليس أحرى بهم ان يوقعوا التشكيلات القضائية؟ ألم يكن من الافضل إعطاء صورة حقيقية للبنانيين وللمجتمعين العربي والدولي بشأن احترام الحوكمة الصحيحة وعدم التدخل بالقضاء؟”.

أضاف: “أعتقد أن رئيس الجمهورية يتدخل بالقضاء ويخرق الدستور الذي يحمي اللبنانيين ويجمعهم على احترامه. في الأساس، ينبغي أن يكون رئيس الجمهورية حاضنا لجميع اللبنانيين وحاميا للدستور، فهو الوحيد الذي يحلف على الدستور والآن يخرقه، وهناك أمثلة على هذا الخرق، منها: التأليف قبل التكليف”.

وإذا كان تفجير ورقة التحقيقات، والدفاع عن موقع الرئاسة، قد رمي في وجه ورقة الصلاحيات، وردّا على التشكيلة التي قدمها رئيس الجمهورية الى الرئيس سعد الحريري، قال: “أنا لا أنظر الى هذا الموضوع من الناحية الطائفية والمذهبية، وأعتقد أن القضية يجب أن تبقى واضحة، ألا وهي: الدفاع عن احترام الدستور، فعندما يحصل خرق للدستور، لا تعود هناك حماية ولا ضوابط لأحد. لذلك، بادرنا كرؤساء حكومة، إلى القول بأن هذه الأمور تمس بالركائز التي يقوم عليها لبنان، وهي اتفاق الطائف الذي يحمي اللبنانيين ويجمعون عليه. لذلك، عند المس بالدستور وباتفاق الطائف، لا يعود هناك ضوابط تحمي اللبنانيين وعيشهم المشترك”.

وعما إذا كانت معركة ضد مقام الرئاسة الثالثة انطلاقا من الصلاحيات، قال الرئيس السينورة: “الرئيس الحريري ذهب إلى السراي، تضامنا مع رئيس حكومة تصريف الأعمال، من أجل الدفاع عن الدستور. وأنا أعتقد أن هذه الزيارة هي من المظاهر، لكن الأساس هو الدفاع عن الدستور، لأن المس به أوصلنا الى هذا التردي، والفلتان، والتشنج الداخلي. الآن، يجب العودة الى الأصول، وبألا يكون هناك خيمة على رأس أحد تحميه إذا كان مرتكبا أو مقصرا، وينبغي أن يكون الجميع خاضعين للمحاسبة والمساءلة، لهذا حدد الدستور وسائل للمحاسبة والمساءلة، فإذا كان التقصير بالأداء بالمهام الدستورية للوزراء أو لرئيس مجلس الوزراء، والقاضي حددها كذلك، فالمطلوب منه الآن تطبيق الدستور وإحالة الأمر إلى مجلس النواب. أما ان يصار إلى الاجتهاد في معرض وضوح النص، فذلك يعتبر محاولة للمس بالدستور، وهذا غير مقبول، لأننا نكون نُدخل البلاد في كثير من المشكلات، ونحن بغنى عن ذلك”.

أضاف: “أنا استُدعيت للشهادة من قبل المدعي العام المالي، القاضي علي إبراهيم، وذهبت وأدليت بشهادتي، وهو استمع لي لمدة ثلاث ساعات ونصف ساعة، وذلك مثل أي مواطن”.

وتابع: “القاضي استمع إلى الرئيس دياب، بحسب ما قاله رئيس حكومة تصريف الأعمال. أما بالنسبة إلي، فعندما استمَع لي القاضي، كنت مواطنا عاديا وليس رئيس حكومة، ولو أنه سألني عن مواضيع كنت حينها رئيس حكومة، وقبلها وزير مالية”.

وعما إذا تبين أن الرئيس دياب متورط بطريقة ما، قال: “عندما يصار إلى الالتزام بتطبيق الآلية الصحيحة للتحقيق، والموضحة بالدستور، وعبر المجلس النيابي، وعبر القضاة المعنيين في هذا الخصوص، عندها يجب أن تطبق العدالة على الجميع ولا تلطي لأحد بأي عذر أو حجة”.

وإذا كان الحل بعودة الملف الى الأصول، واسترداده من قبل رئيس مجلس النواب، قال: “أعتقد ان اللبنانيين جميعا معنيون بأن يلاحقوا هذه القضية، وأن يصار إلى إحقاق الحق وتطبيق العدالة على الجميع. وفي ما يتعلق بتطبيق الدستور، فالعملية ستتم على أعين جميع اللبنانيين، ولا أظن ان أي نائب يمكن أن يتجرأ على مخالفة ضميره عندما يكون هنالك اتهامات واضحة وثابتة، ويستطيع بالتالي أن يخالف أمر إحقاق الحق. وأعتقد أن ضمان ذلك يكون في الدور الذي يجب أن يلعبه اللبنانيون، والرأي العام كفيل بالضغط على الجميع لإحقاق الحق، وتطبيق العدالة”.

وأشار الى أن “هناك ممارسات تتراكم في البلد، لكن المشكلة تكمن بمن يتولى الأمور، ومنذ مجيئه، وبممارسته، يتبين أنه لا يؤمن باتفاق الطائف”. وقال: “ما نراه اليوم هو، بالفعل، إعلان الحرب على اتفاق الطائف وعلى الدستور، والتي هي حرب على جميع اللبنانيين وعلى المسيحيين بداية، وهذا ما لا نرضاه، ولا نقبل به”.

وعن ردة فعل رؤساء الحكومة السابقين أمام أهالي ضحايا انفجار المرفأ، قال: “نحن،كما غيرنا من اللبنانيين، نريد معرفة الحقيقة كاملة. هناك من يحاول تشويه الحقائق، وتصوير الأمور خلافا لحقيقتها عبر إثارة ردات فعل لدى اللبنانيين. لذا، على المسؤول أن يتبصر ويتمتع ببعد النظر لحماية اللبنانيين. وفي الوقت الذي نسمح بمخالفة الدستور، وبممارسات تؤدي الى تغيير جوهر النظام الديمقراطي البرلماني، عندها نكون نرتكب جريمة كبرى بحق اللبنانيين جميعا”.

أضاف: “هذا الامر هو الذي دفعنا، بداية، الى المطالبة بتحقيق دولي، وهاجسنا الخوف من قلب الحقائق، وحرف الانتباه عن المشكلات الحقيقية للتعمية عليها. وهذا الأمر يدفعنا الآن للتأكيد على احترام الدستور بشكل كامل، ولا يجوز أن تكون هنالك تنازلات من هنا وهناك. ليس مقبولا لأي أحد، مهما كان موقعه أو مركزه، أن يتلطى بأي مرجعية دينية أو غير دينية. وعندما يجري نقل ملف هذه الجريمة الى مجلس النواب، في ما خص الأشخاص المشتبه بتورطهم أو إهمالهم في هذا الصدد ممن تشملهم المواد 70 و71 و80 من الدستور، فأعتقد جازما أنه لن يجرؤ أي نائب على فعل شيء يخالف فعليا مبدأ الوصول إلى معرفة الحقيقة كاملة وإحقاق العدالة، أي لا حماية لأي أحد، لأنها ستكون محاكمة فعليا على اعين كل اللبنانيين. هذه الجريمة، هي جريمة كبرى، ولا يجوز السكوت عنها، أو تمييعها، أو حرف الانتباه عن معرفة كامل الحقيقة. وأعتقد أن أي سياسي، يحترم نفسه، سيصر على متابعة هذه القضية الى نهاياتها، وألا يسمح بحصول تمييع او تأجيل”.

وأكد أن “رؤساء الحكومة السابقين ليسوا بصدد حماية أي مرتكب أو مهمل، والمركز السني لرئاسة الحكومة ليس بحاجة الى حماية من أحد، فهو يحمي نفسه”.

وعن مآل ملف تشكيل الحكومة، قال الرئيس السنيورة: “إن ما يرضي كل الناس هو احترام الدستور، وما نفهمه عمليا إذا قرأنا المادتين 53 و64 منه، واللتان تبينان أن رئيس الحكومة هو الذي يؤلف ويتشاور مع رئيس الجمهورية، والاثنان يوقعان المرسوم. وبالتالي، رئيس الحكومة المكلف هو الذي يعد التشكيلة، ويقوم بالتشاور بشأنها قبل وبعد، إلى أن يصار إلى الاتفاق عليها وتوقيعها. أما لماذا وصلنا إلى هنا، ولماذا حكومة اختصاصيين، فهذا بسبب معاناة ناتجة عن فترة طويلة لما يسمى الاستعصاء عن القيام بالإصلاحات”.

وعن اتهامه بالفساد، قال: “أنا من أعددت أكثر من قانون من أجل إعادة الاعتبار، والكفاءة، والجدارة، وإيلاء المناصب لأكفائها، وأنا الذي عانيت كثيرا لأنه دائما كان يصار الى افشال تلك المشاريع منذ سنة 1998. كذلك، كانت معاناتي شديدة بموضوع تدقيق الحسابات، إذ كنت أنا أول من طالب به، وقد أعددت عدة مشاريع قوانين لإخضاع حسابات الدولة للتدقيق، والتي جرى إفشالها، ولا سيما في العام 2006، عندما اقر مجلس الوزراء مشروع قانون أرسلناه إلى مجلس النواب، ووضع في الادراج، والذي ينص على إخضاع جميع إدارات ومؤسسات الدولة اللبنانية للتدقيق اللاحق الذي تجريه مؤسسات التدقيق الدولية”.

ورأى أن “البعض أصبح يريد الإمساك بالورقة اللبنانية لتكون ورقة تستخدمها إيران للتفاوض مع الرئيس المقبل للولايات المتحدة، ولتحسين شروطهم في التفاوض مع الأميركيين”، وقال: “يريدون الاحتفاظ بورقة الحكومة اللبنانية، واستعمالها مع الرئيس بايدن الذي يتسلم مهامه في 20 كانون الثاني، وكأن الرئيس الأميركي الجديد ليس لديه ما يشغله إلا موضوع لبنان. لدى العالم، قبل كورونا وحتما بعدها، مشاغله واهتماماته أكثر بكثير من لبنان، وما لم يتنبه له اللبنانيون هو وجوب قيامهم بواجباتهم، وممارسة دورهم، والبدء باعتماد الإصلاحات اللازمة لإقناع العالم بمساعدتنا”.

وإذا كان ذلك يعني انتظار الضوء الأخضر الخارجي، قال: “أعتقد أن هناك استعصاءان: الأول، في موضوع امساك إيران بالورقة اللبنانية، والتي يحملها حزب الله والجمهورية الإسلامية الإيرانية. والثاني، هو عند الرئيس عون الذي يطالب بأن تكون حكومة من الحزبيين، وان يكون له الثلث المعطل. وهذا الامر يعني أن اللبنانيين لم يفهموا شيئا مما حصل، ولم يستوعبوا بعد انه ليس هكذا تحل مشكلاتهم”.

أضاف: “الرئيس الحريري كان دائما يتفاهم مع الرئيس عون، لكن بعد مقابلته، يقوم الوزير جبران باسيل بالتأثير على رئيس الجمهورية وتغيير رأيه”.

وعما إذا كان باسيل هو المعطل اليوم للتشكيل، قال: “رئيس الحكومة المكلف المفروض به أن يتشاور مع كل الأحزاب ويستمع إلى مطالبهم، انما الدستور كان واضحا عندما لم يذكر انها استشارات ملزمة. رئيس الحكومة المكلف عليه أن يؤلف حكومة منسجمة، ويحدد أهدافها، وما عليها القيام به. وبالتالي، عليه الذهاب الى الامتحان في مجلس النواب لنيل الثقة، فإذا لم يوافق النواب على التشكيلة التي يقدمها، فهو من يذهب إلى البيت، ورئيس الجمهورية يوقع على المرسوم، ولكن لا يذهب إلى البيت. إذا، رئيس الحكومة هو من يتحمل المسؤولية”.

أضاف: “من يريد تأليف الحكومة الآن أمامه خياران: أن يرضي السياسيين؛ واللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي. إذا أرضى السياسيين، تولد حكومة ميتة لا تستطيع ان تفعل أو تقدم شيئا للبنانيين، ولن تحظى بمساعدة المجتمعين العربي والدولي. وإذا أرضى اللبنانيين، عليه أن يقدم أسماء منسجمة من أصحاب كفاءات واختصاص مستقلين من غير الحزبيين. وعليه ألا يطرح أسماء مستفزة، ولا داعي لذلك، لأنه ليس في مصلحة أحد. عليه أن يأتي بتشكيله منسجمة من أصحاب كفاءة واختصاص مستقلين وغير حزبيين قادرة على أن تعمل كفريق عمل منسجم وغير مستفز لأحد، وان تكون قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة ولكن الضرورية”.

ولماذا يحق للرئيس المكلف وهو رئيس تيار أن يأتي باختصاصيين، ويكون على رأس حكومة، ولا يحق لغيره أن يسمي، قال الرئيس السنيورة: “قبل تكليف مصطفى أديب، كان لدي رأي: أننا لا يمكن أن نأتي للطائرة بكابتن وكامل أعضاء الفريق crew لم يدخلوا قط الى مقصورة. المطلوب أن يتمتع قائد الطائرة بعلاقات وازنة وتجربة حكومية جيدة، وليس ضروريا أن يكون رئيس حكومة سابقا”.

أضاف: “إن حكومة حسان دياب تألفت وكانت بالإسم من وزراء مستقلين، وهي بالفعل لم تكن كذلك، ولم تستطع تقديم شيء، ولم تقر أي إصلاح. الآن، نتكلم بشأن الحكومة التي يزمع سعد الحريري تأليفها من مجموعة من المستقلين، من أصحاب كفاءات واختصاص ومستقلين وغير حزبيين، يكونون منسجمين ليشكلوا فريق عمل متعاونا، والحكم على الأمور بخواتيمها. عندما تعرض التشكيلة ويتبين فعليا ان لا أحد من أعضائها ينتمي الى أي فريق سياسي أو يستفز أي فريق سياسي، فهذا من شروط الحكمة والتبصر لرئيس الحكومة، وإلا يكون يقدم حكومة ميتة، لا تستطيع ان تقدم شيئا للبنانيين”.

وتابع: “هنا نسأل: هل نستطيع ان ننهي حالة الانكار التي نعيشها؟ حتى الآن، ما زلنا نفكر بالطريقة نفسها في مواجهة هذا الكم الكبير من المشكلات المتراكمة والمتفاقمة. وبالتالي، الهم الكبير هو في كيفية استعادة الثقة المنهارة. هذه الحكومة عندما تتألف من المستقلين وأصحاب الكفاءات سيظهر من الدقائق الاولى لولادتها إذا كانت ستعيش أم لا”.

ولماذا يحق للرئيس الحريري تسمية الوزراء السنة، ولا يحق لرئيس الجمهورية تسمية الوزراء المسيحيين، قال: “رئيس الجمهورية هو رئيس لكل اللبنانيين، وليس رئيس حزب أو جماعة أو يدعم فريقا من اللبنانيين ضد فريق آخر، وله الحق في أن يسأل عن كل عضو في هذه الحكومة، لا عن حصته او عن المسيحيين فقط، فحصته هي بالوزراء جميعهم والوزارة بكاملها. لذلك عليه ان يقارب هذا الأمر بطريقة مختلفة، فقد بدأ سنته الخامسة في الحكم، وعليه أن يفكر جديا ماذا سيترك من سمعة لهذا العهد. هل يريد المشاركة في تأليف حكومة لتحل مشكلة، ام لتخترع مشكلات جديدة؟ وأشير الى ما قاله الرئيس الحريري من أن أربعة من الأسماء التي طرحها، تقدم بها الرئيس عون، وهذا ما يظهر مدى التعاون الذي أظهره الحريري في تعاونه مع الرئيس”.

أضاف: “كل مرة تباحث فيها الرئيس الحريري مع الرئيس عون، بشأن الأسماء المقترحة للتوزير، كان يجيبه الرئيس عون “عظيم تمام والأسماء جيدة”. وبعد ذلك يتغير كل شيء”.

وأكد أن “من حق الرئيس الحريري، ومن واجبه، أن يقول لقد استنفدت كل الفرص التي يمكن ان تتاح للبنان من أجل تأليف الحكومة الجديدة، لكنه كان يراهن على انه لا بد وأن السياسيين اللبنانيين قد تعلموا شيئا”.

وقال: “علينا جميعا أن ندرك بأن تأليف الحكومة هو المسار الوحيد الباقي للبنانيين للخروج من المآزق، وعليهم جميعا أن يستوعبوا ويدركوا أن لبنان ليس القضية الاولى أمام العالم، نعم هم حريصون على لبنان، وعلى نموذج العيش المشترك، وهذه الصيغة الأساسية التي سماها البابا يوحنا بولس الثاني الرسالة، فهو رسالة للعالم كله وليس فقط للبنانيين، إنها قضية العيش المشترك وفكرة قبول الآخر. رسالة واحدة علينا أن نوصلها بوضوح إلى اللبنانيين، وإلى أشقائنا وأصدقائنا، أننا واعيون لمشكلاتنا، ونريد فعلا أن نحلها، وحاضرون لانتهاز الفرصة المتاحة لنا من أشقائنا وأصدقائنا. الفرص لا تأتي كل يوم، والمشكلة الكبرى عندما يترك اللبنانيون هذه الفرص تمر دون الاستفادة منها كما يحصل الآن، فهذا أمر خطير. لذلك أعتقد اننا، للأسف، على مقربة من الارتطام الكبير إذا لم نسارع لإنقاذ بلدنا وإنقاذ اللبنانيين”.

أضاف: “الصيغة الحكومية، التي يدافع عنها الرئيس الحريري والتشكيلة التي سيقدمها، هي الصيغة التي جرى فعليا التداول بشأنها مع رئيس الجمهورية، وهو قد استفاد من مقترحات لدى رئيس الجمهورية بأسماء محددة، ومن حق الرئيس أن يقترح أسماء من كل الطوائف وليس من طائفة واحدة. عندها يكون رئيس الجمهورية يتصرف كرئيس للجمهورية حقا، ورئيس الكل، ولمصلحة جميع اللبنانيين، وغير منحاز لأحد أو لفريق، لكونه فوق كل السلطات، وفوق كل الصراعات والحزازيات والنكايات، وبذلك يستحق أن يكون رئيس جمهورية، ويتصرف على هذا الأساس”.

وتابع: “الدستور اللبناني شديد الوضوح بأن ليس هناك من حقيبة حكرا على طائفة، وليس هناك من طائفة ممنوع على أحد أعضائها ان يتسلم اي حقيبة. وهذا هو تراثنا السياسي اللبناني الحقيقي، ما يعني ان الفكرة كانت عند الرئيس الحريري بأن الثنائي، أمل وحزب الله، تسلقوا الشجرة، وكان السؤال: كيف وما هي الوسيلة لإنزالهم عنها. من حقهم ان يتسلموا المالية، لكن ليس من حقهم احتكارها. لقد حصل استثناء في هذا الموضوع من أجل إنقاذ البلد. وهذا التنازل المؤسف، ليس تنازلا بالمعنى الحرفي للكلمة لأنه ليس دائما”.

وعن القبول باستثناء لبقية الافرقاء، قال: “هنا، تبرز أهمية الدور الذي يمكن أن يلعبه رئيس الجمهورية في اجتراح المخارج والحلول، ولنر كيف يمكن ان يتصل رئيس الجمهورية بالثنائي الشيعي، بحزب الله وبحركة أمل، ويقول لهم دعونا نتفق وننه هذا الجدال العقيم. إذا، الحل لا يكون بأن يتمسك رئيس الجمهورية بدوره بحقائب وحصص”.

وعما إذا طاول التدقيق الجنائي فريقه السياسي، قال الرئيس السنيورة: “الذي ارتكب يجب ان يتحمل مسؤوليته، الأسلوب المؤسساتي يجب ان يُتبع، اما الذي ارتكب فإنه لا خيمة ولا حماية له، كائنا من كان. هذا الامر يجب ان يكون واضحا لجميع اللبنانيين، ولكن بالأساليب المؤسساتية الصحيحة، وليس بالأساليب الشعبوية والفضائحية التي قد تزيد من محاولات الاستعصاء والاصطفاف الطائفي والمذهبي”.

وإذا أعيد فتح ملف الـ11 مليارا، قال: “الـ11 مليارا أكذوبة كاملة، وآخر من أثارها مدير عام المالية عندما سئل عنها وقال إنها موجودة ومسجلة قرشا بقرش في وزارة المالية وفي قيود كل الوزارات المعنية. إن إعادة فتح هذا الملف هو فقط من باب النكايات وإطلاق الشائعات والتشويش والتشويه”.

وعن موضوع السياسات الاقتصادية والمالية التي وضعها فريقه السياسي، قال: “البلد عندما يصر على ان ينفق دون حساب، ودون ضوابط، ودون أن يسعى لتعزيز إيرادات الخزينة، يؤدي ذلك إلى ترتيب عجوزات كبيرة في الخزينة، غير عابىء بالنتائج، وبعد ذلك يلوم السياسة الاقتصادية. هذا غير صحيح، والمشكلة لا تكون عندها بالسياسة الاقتصادية والمالية، بل تكمن في الأداء”.

وكرر التشديد على “الترشيد في السياسات والممارسات والترشيق في حجم الدولة”، وقال: هناك رسائل أساسية يجب ان تكون واضحة، ونرسلها للبنانيين ولأشقائنا ولأصدقائنا في العالم. بداية، نؤلف حكومة تلتزم باحترام الدستور واتفاق الطائف واحترام الشرعية العربية والشرعية الدولية، وأن نعطي في ذلك عدة رسائل سريعة جدا ومباشرة، كأن يقول رئيس الجمهورية: أنا سأوقع التشكيلات القضائية، أنا أريد أن أدعم تطبيق القوانين والتي هي القوانين التي أقرت ولم تنفذ منذ العام 2002، وهي قوانين الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، أريد أن أدعم إخضاع جميع الإدارات والمؤسسات للتدقيق، من الآن فصاعدا وكذلك سابقا، وأنا أريد أن أدعم إعادة الاعتبار للكفاءة والجدارة في تحمل المسؤوليات والمحاسبة على أساس الأداء، وأنا سأدعم كل مشاريع الإصلاح، وهي الإصلاحات التي تؤمن التقدم على مساراته، وتؤمن احتضان كافة فئات المجتمع الاجتماعية، وبما يؤمن الخروج من المآزق والمشكلات المتفاقمة التي يعاني منها لبنان بأقل الأضرار الممكنة”.

أضاف: “أدعو رئيس الجمهورية الى ان يكون رئيسا في نظام ديمقراطي برلماني، وليس في نظام رئاسي، وعليه ان يقتنع أنه هو رئيس كل السلطات، ويمارس صلاحياته وتوجهاته الإصلاحية الصحيحة ولا ينحاز الى أي فريق”.


Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *