إتهامات وعقوبات أميركية.. باسيل يردّ في كلمة مطولة


عقد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، مؤتمرا صحافيا اليوم، الأحد (الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر)، بعد العقوبات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية بحقه، مؤكدا ان : “لا العقوبات أخافتني ولا الوعود أغرتني. لا أنقذ نفسي ليهلك لبنان. لم أجد فكرة معبرة أبدأ بها كلمتي اليوم أفضل من هذه، وهي تلخص ما مررت به في الفترة الأخيرة في علاقتي مع اميركا تجاه حزب الله ولبنان.”

قال باسيل: “والحقيقة أن الطريق مع اميركا كانت دائما صعبة ولكن نحن مجبرون على ان نمشيها، ونتحمل الظلم لنبقى أحرارا في وطننا ونحمي لبنان من الشرذمة والاقتتال، مع الاصرار أن نبقى أصدقاء للشعب الاميركي مهما ظلمتنا ادارته”.

أضاف: “العقوبات تأتي وتذهب، ولكن علاقة الشعوب التي تجمعها قيم واحدة تبقى. العقوبات توضع وترفع، ولكن التفريط بالسلم الأهلي والوحدة الوطنية جريمة تنهي لبنان، ولا شيء ينقذه منها. لذا، بين عقوبات تطالني شخصيا، وحماية سلامنا الداخلي الذي يحفظ لبنان… الخيار لم يكن صعبا، اخترت حماية لبنان، وهذا أقل ما أقدمه مقابل أناس ضحوا بروحهم وجسدهم. شهداء سقطوا من اجل لبنان، وأناس ناضلوا وتعذبوا وسجنوا، وابرياء كثر هدرت دماؤهم وآخرهم ضحايا انفجار المرفأ في 4 آب. وهذا أقل ثمن أدفعه أمام أثمان دفعوها أجدادنا ليبقوا في هذا الوطن، ولنبقى نحن من بعدهم حاملين رسالة السلام والمحبة بإيماننا، وحاملين قضية لبنان بقناعتنا”.

وتابع: “سأخبركم رواية. في العام 1990، أُخرج العماد عون من الشرعية في لبنان برعاية اميركية ووصاية سورية، وعاد في العام 2005 بعد خروج سوريا، ليجد نفسه في الانتخابات النيابية (Elections now) محاصرا من التحالف الرباعي، وتم استبعاده من الحكومة والرئاسة، على الرغم من حصوله على 73% من أصوات المسيحيين.

بعد ذلك، طُلب منه الدخول في حلف لعزل حزب الله، مما يعني حربا أهلية، فرفض وقرر أن يتلاقى مع الحزب على وثيقة تفاهم مكتوبة من بنود، يُفترض أن كل اللبنانيين لا يعترضون عليها.

بعد ذلك، شن الاسرائليون حرب تموز 2006 التي انتصر فيها لبنان، وكانت وثيقة التفاهم من أهم عناصر الانتصار لأنها حصنت الجبهة الداخلية. استمرت اميركا بضغوطها من وقتها لفك التفاهم، وما نجحت لغاية ما أدخلت أخيرا موضوع العقوبات وبدأت تهددنا بها”.

وقال: “كلكم تتذكرون زيارة الوزير بومبيو لبنان، وقوله لي في وزارة الخارجية إن حزب الله إرهابي، وجوابي الطبيعي له كان أن حزب الله لبناني، تصنيفكم لكم وتصنيفنا لنا.

أساسا، عندما طلب مني الوزير الاميركي ترك حزب الله ومواجهته، شرحت له ان هذا يؤدي الى عزل الشيعة، أي يؤدي الى فتنة داخلية، فهل نلاقيك في مطرحك في الخارجية عندما تقع الفتنة لتساعدنا في منع إراقة الدماء؟ اكيد كان جوابه: لا أعرف. وعندما سألت: هل تضمن لنا عدم وقوع الفتنة وتضمن حماية البلد منها؟ اكيد كان جوابه النفي.

إذا، الاميركيون يدعوننا الى مشروع لا ضمانة فيه بعدم اراقة الدماء ولا بحماية لبنان واللبنانيين من الفتنة”.

أضاف: “حديث العقوبات بدأ جديا في صيف العام 2018، خلال تشكيل الحكومة الثانية للحريري، والتي كنت فيها وزيرا بسبب إصرار الحريري نفسه. جاء وقتئذ أحد العارفين يقول لي انه من الضروري أن أكون وزير خارجية لأن الحصانة الديبلوماسية للموقع، تمنع فرض عقوبات، وعندما استقال الحريري أو طُلب منه الاستقالة، ترافق هذا الأمر فورا مع إعلانه عدم موافقته أن أكون معه في أي حكومة، يعني انتقلنا فجأة من أنه لا يقبل بتشكيل حكومة من دوني الى انه لا يقبل بتشكيل واحدة أكون أنا فيها.

جاء من ينبهني، انهم يريدون أن ينزعوا عني الحصانة الديبلوماسية، وهكذا دخلنا في موجات من الترهيب والترغيب. مرة زيارة مع تخصيص وأخرى مع مقاطعة. مرة ترحيب بموقف وأخرى تنديد بموقف.

في المقابل مع حزب الله، كان واضحا اننا، مع ثبات وثيقة التفاهم، كنا نمر بطلعات ونزلات في العلاقة، بسبب خلافاتنا الكثيرة على الملفات الداخلية والإصلاحات، وبعض المواقف المختلفة على القضايا الخارجية. وتكلمنا سوية وبصراحة ان الحال لا تمشي هكذا، لدرجة انني حكيت في الإعلام عن إمكان الفراق.

وفي كتير من المحطات، مثل الفاخوري او الحدود البحرية وغيرها، صار الإعلام والسياسيون يربطون أي طلعة مع الحزب بنزلة مع الاميركيين، وأي طلعة مع الاميركيين بنزلة مع الحزب. بينما أي موقف أخذناه كان نابعا فقط من قناعتنا ومصلحة لبنان، وكنا نفعل المناسب، والآخرون يربطونه بالعقوبات، جاءت العقوبات وذهبت. جاءت الرئاسة وذهبت”.

وتابع: “سيقولون غدا، فعل كذا ليرفع العقوبات، أو كذا لأن الرئاسة ذهبت. هنا، أود أن أقول للبنانيين، إننا في كل نقاشاتنا مع الاميركيين، لم يفتحوا مرة موضوع الفساد، لا بل كنا نحن من يطالبهم، من العام 2005 ولقاءات فيلتمان مع العماد عون وصولا إلى اليوم، بوقف مساعدة الفاسدين ودعمهم ومساعدتنا في محاربة الفساد.

وأنا طالبت مسؤولين أميركيين ودوليين كبارا، بما أن عندهم اطلاع على التحويلات المصرفية، أن يساعدوننا بحسب القوانين والأصول، في المعلومات اللازمة التي تمكننا من استعادة أموال منهوبة أو محولة إلى الخارج. طبعا، لم يكن هناك رفض، ولكن عدم تجاوب مع تلبية هذه المطالب. وعدد كبير من المحاضر من العام 2005 يشهد على هذا الأمر”.

وسأل: “ماذا حصل أخيرا؟ سأروي القليل من التفاصيل، لأن الوضع والوقت لا يسمحان بأكثر، ونترك الأشياء الثانية لأوقات أخرى وللأرشيف.

تبلغت من رئيس الجمهورية أن مسؤولا اميركيا كبيرا اتصل به وطلب منه ضرورة فك علاقة التيار الوطني الحر بحزب الله فورا، وطلب منه أن يبلغني، بعجالة، الأمر.

وفي اليوم الثاني، تبلغت من السفيرة الأميركية مباشرة بضرورة تلبية أربعة مطالب فورا وإلا ستفرض علي عقوبات اميركية بعد 4 أيام، أي في 25 تشرين. أما المطالب فهي فك العلاقة فورا مع حزب الله وثلاث نقاط أخرى. وطبعا في المطالب والحديث كله، لا وجود لكلمة عن الفساد.

ردة فعلي الطبيعية السريعة، كانت أن الأمور لا تمشي معي في هذا الشكل، واني أرفض هذا الموضوع It doesn’t work with me that way، وأن هذا الأمر يخالف مبدأ أساسيا من مبادىء التيار وهو رفضه أخذ تعليمات من أي دولة خارجية، واننا إذا نحن قبلنا بأن تسير العلاقة معنا على هذا الشكل، نصبح كغيرنا، نقبل بأن ننفذ أوامر وتعليمات ونصبح عملاء، بينما نحن نريد أن نكون أصدقاء. I am not your agent, I want to be your friend. نحنا اصدقاء ولسنا عملاء”.

وقال: “بعد ذلك، كانت مداخلات معي لإقناعي بأن هدف الاميركيين ليس فرض العقوبات علي، إنما استقطابي لأكون شريكا وصديقا، والبرهان أن غيري لم يتم تحذيرهم، في حين أنهم ارادوا إعطائي فرصة لأخلص نفسي لأنهم يريدونني، وسمعنا على مستويات عدة كلاما أننا لا نريد ان نخسر علاقتنا بباسيل.

مرّ 25 تشرين الأول، وكنت أنتظر أن تصدر العقوبات يومها، ولكن قرر الاميركيون بعد ذلك أن يعطوا مهلة ثانية إلى 4 تشرين الثاني، أي اليوم الثاني على الانتخابات الأميركية، وتخلوا عن البنود 2 و3 و4 وحصروا مطلبهم بإعلان قطع العلاقة مع حزب الله، ولكن على قاعدة ثانية هي العصا والجزرة.

زاروني في لقاءات طويلة وقدموا لي ما اعتبروه مغريات كافية من النجومية في لبنان وأميركا والربح السياسي الشخصي لي وللتيار. وما مشي الحال. وعقد بعد ذلك لقاء طويل في 4 تشرين التاني، أي الأربعاء، وأعطوني مهلة أخيرة 24 ساعة لأغير رأيي وأفكر بما عرضوه علي لمصلحتي ومصلحة لبنان، ونبهوني من العواقب في حال ساروا بالعقوبات”.

أضاف: “مرّ الخميس طبعا، وطبعا لم يحصل شيء من جهتي، وصدرت العقوبات يوم الجمعة، أي في عزّ إعلان نتائج الانتخابات الأميركية كان بالهم عندي، وصدرت على أساس الفساد وحقوق الإنسان، وبالكاد ذكروا حزب الله، مع العلم بأنهم لم يتكلموا معي إلا عن حزب الله.

طبعًا، في كل هذا المسار، أنا بلّغت المعني الأول بالموضوع وهو “التيار الوطني الحر” عبر الهيئة السياسية التي وافقت بالإجماع على الموقف بالشكل والمضمون. وبلّغت المعني الثاني اي “حزب الله” عبر السيد حسن مباشرة الذي أبدى تفهمه لأي موقف يمكن أن نأخذه وأبدى استعداده لأي مساعدة نطلبها منه، وطبعا أنا لم أطلب شيئا في تلك اللحظة”.

وتابع: “طبعا هناك الكثير من التفاصيل المهمة ستُعرف يوما ما، وأنا أعرف جيدا ماذا فعلت وماذا قلت وأي مواضيع فتحت كي أصل الى الخلاصات التالية:

1 – العلاقة مع أميركا:

فهمت أكثر ماذا يعني أن يتم تطويع أحد للعمل سياسيا مع دولة كبيرة تحت وطأة الترهيب والترغيب، وتأكدت من أهمية الاستقلال السياسي؛ ورسالتي لكل رفاقي في “التيار الوطني الحر” أن يبقوا أحرارا، وأنا على علم بمحاولات أجهزة وسفارات وجهات داخلية للتلاعب فيهم مثلما حصل مع بعض أعضاء التكتل، ولكن هم أصلب!

وأنا أعرف ضعاف النفوس تماما وأعرف خيانتهم من عيونهم، وأحدهم وقع، لا بل هو واقع أساسا، وهو في الخارج، وسأدّعي عليه أمام المجلس التحكيمي في التيار «لخيانته مبادئ الحزب وقواعده وقيادييه، والعمل على هدم كيانه وصدقيته وقوته ومؤسساته بشكل مقصود وممنهج» وفق نص المادة 28 من عقوبات الدرجة الثانية وعقوبتها الطرد.

في المقابل، بالرغم من كل ما حصل مع الادارة الاميركية، هذا لا يمس علاقتنا بالشعب الاميركي وتشاركنا معه بالعديد من القيم. ونعتبر أن الجريمة التي ارتكبتها الادارة الحالية في حقي، وسارعت للاعلان عنها يوم تأكدت من خسارتها للإنتخابات الرئاسية وقبل الإعلان الرسمي عنها، من المفترض أن يتم التحقيق فيها وبأسبابها، ومعرفة من دفع ثمنها.

نحن نهنئ الرئيس الاميركي الجديد جو بايدن ونائبته كامالا هاريس أول مرة نائبة رئيس، ونعتزم، مع الادارة الجديدة، العمل على تطوير العلاقات معها .

2 – استخدام موضوع الفساد من قبل اميركا:

الحديث معي تضمن «حزب الله» وكل شيء الا الفساد، والعقوبة تضمنت الفساد وحقوق الانسان وبالكاد تم ذكر الحزب. لو قبلت معهم بقطع العلاقة مع «حزب الله»، لم أكن فاسدا؟

ثم قانون ماغنتسكي يتناول قضايا حقوق الانسان مثل خاشقجي، أما قضايا الفساد الواردة بخصوصي فهي مضحكة مثل: – أزمة الطاقة بلبنان – أزمة النفايات – أزمة تلوث البحر (عن جد؟) – انفجار المرفأ (انا المسؤول؟) – في الخارجية تعييني فاعلين في الدولة – في الطاقة، استعمال شركات واجهة لمقربين مني للاستفادة! هذا يشبه ثرثرة سياسية لبعض الحراك والسياسيين الكذابين في لبنان.

الآن عرفنا بقلم من كتبت العقوبة! عرفنا كيف تكتب الـ«هيلا هيلا هو» بالانكليزي؟ تأكدنا من الراعي الدولي للاغتيال السياسي الذي أتعرض له! أنا أعرف تماما هذا النمط من الثورات الملونة التي تستعملها اميركا في العالم، وكان آخرها في أرمينيا. وأنا أعرف ماذا تعني الحرب النفسية والاعلامية وحرب الجيل الرابع وأتابعها جيدا في العالم. ولكن أنا لم أكن أصدق أن أكبر دولة في العالم والتي تمسك النظام المصرفي العالمي وتحويلاته، ولديها أكبر أجهزة مراقبة ومخابرات لا تقدم ورقة أو دليلا أو اسما أو رقما أو اثباتا.

اذا أرادوا محاربة الفساد فليوقفوا دعمهم لجماعتهم التي تمنع التدقيق الجنائي، وليزودوا لبنان بكل التحويلات المالية منه لتهريب الأموال المنهوبة والمحولة.

انا عندما كنت أتحدى كل دول وأجهزة العالم، كنت أعرف من أتحدى! وأنا ما زلت أتحداهم، النتيجة معهم انشاء وحكي صالونات! يستطيعون أذيتي وتشويه سمعتي بالتلفيق ولكن بالاثباتات لا يستطيعون أن يخدشوا آدميتي! أنا بقوتي لا استطيع أن أتحدى أحدا، ولكن بآدميتي أتحدى كل العالم….

3 – تحصيل الحق بالادعاء

يقول البير كامو: «لا يكفي أن تفضح الظلم، ولكن عليك أن تعطي كل حياتك لمحاربته». هذه العقوبة هي الظلم بعينه وسوف أقاومه، وسأدعي بالضرر الذي لحق بي من جرائها.

بدأنا بدراسة الإدعاء وماذا سنفعل:

من جهة أولى، العقوبة هي من منطلق سياسي اعتباطي وهي قرار اميركي محصور بالجغرافيا الأميركية، ولكن نتائجه تتجاوز أميركا لتطال بالتأثير والترهيب القطاع المصرفي بعمليات التعاطي بالدولار، وهذا يطالني أنا وحدي، رغم اني لا املك أي حساب مصرفي خارج لبنان (او أي ملكية أخرى).

سأعمل على تكليف مكتب محاماة بهدف إبطال القرار لفقدان الأساس القانوني وطلب التعويض المعنوي والمادي، وموعدي يكون عندها مع القضاء الاميركي، مع العلم أن ما يأتي بالسياسة، بشحطة قلم يذهب بالسياسة، خصوصا وأن البند الرابع من شروط الغاء العقوبات يحدد امكان الغائها اذا اقتضت مصلحة اميركا ذلك.

من ناحية ثانية، العقوبات الاميركية وقانون ماغنتسكي مخالف لأهم مبادئ القانون الدولي، وهو مبدأ السيادة الوطنية وهو لا يطبق قانونا خارج الاراضي الاميركية لأنه غير مصدق عليه بأي معاهدة دولية ولا بأي معاهدة مع لبنان، وهو مخالف لأبسط مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان (ويتحدث عن حقوق الانسان!!!) لأنه لا يؤمّن حق الدفاع عن النفس ولا يعطي القرينة، والعقوبة لم تصدر عن أي مرجع قضائي بل هو قرار إداري من وزارة، وبالتالي فهو منعدم الوجود قانونا وفق معايير القانون الدولي والقانون اللبناني، لأنه لم تتم الدعوة او الادعاء أمام أي مرجع قضائي، وليس هناك أي ابراز لمستندات مثبتة للمزاعم، وهذا قد يتطلب النظر بأخذ الاجراءات اللازمة للجوء الى المحاكم الدولية.

4 – لمصلحة من العقوبة؟

لدي معلومات أن العقوبة مطلوبة من خارج اميركا، لأني تبلغت رسميا أنها أتت بالادارة من فوق الى تحت، وليس كالعادة من تحت الى فوق. ولكن انا سأتكلم بالتحليل.

اين هي مصلحة اميركا بضرب ومحاولة تدمير أكبر حزب وتكتل طابعه مسيحي في لبنان وفي الشرق؟

اين هي مصلحة اميركا بتنفيد اغتيال سياسي لقادة مسيحيين يدعون علنا، مرارا وتكرارا الى التعاون والصداقة؟

أين هي مصلحة اميركا بضرب المكون اللبناني الذي يرفض الذهاب الى الشرق فقط، ويريد ابقاء لبنان همزة وصل بين الشرق والغرب؟

هذه ليست مصلحة اميركا، هذه مصلحة اسرائيل بضرب المسيحيين في لبنان. الا اذا كانت اميركا وما زالت، للأسف، بالمخطط القديم نفسه الذي يؤدي بما يؤدي الى هجرة المسيحيين من الشرق. فمن كيسنجر ومخطط التوطين والتهجير، الى دين براون وترحيل المسيحيين بالبواخر الدولية، الى مورفي وخيار الاذعان او الفوضى، الى فيلتمان وحصار المسيحيين في 2005 وصولا الى توصيته العلنية بالكونغرس بالـ2019 بضرب أكبر ممثل لهم من أجل اضعاف حزب الله”.

وقال: “تشرح لهم أن إضعاف التيار لرفع الغطاء عن الحزب لن يضعف الحزب، بل سيعزله وسيضطره الى الدفاع عن نفسه وسينتصر. وسيكون هناك مشروع فتنة وحرب داخلية في لبنان بين الشيعة والسنة، ومن تسوّله نفسه من المسيحيين للتآمر والمشاركة فيها، وسيدفع المسيحيون ثمنها الأكبر بالهجرة الكثيفة؛ وهذا مشروع الفوضى لا يجوز أن يتكرر في لبنان، لأن حصوله في العراق أدى الى هجرة المسيحيين، وحصوله في سوريا ادى الى هجرتهم، والآن اعتماد مشروع لعدم الاستقرار في لبنان على ما هو واضح في بعض اجنحة الادارة الحالية والسماح بالفوضى والتشجيع عليها نتيجة الأوضاع المعيشية الاقتصادية، وتأليب الناس بالمظاهرات الملونة. ضف عليهم وقوع بعض الحوادث الأمنية وانشاء الخلايا كما يُحضّر في الشمال؛ مثلا حادثة كفتون تبين انها خلية 40 داعشيا يمولون من ادلب- هذا تحضير في الشمال.

في المقابل ضغط مباشر في الجنوب والبقاع وحقن، وضغط وتهديد على من يتفاهم معهم في الداخل لتعريتهم سياسيا وشعبيا بشكل مفاجئ وصادم … ما نتيجة هذا الشيء في لبنان؟ هذه وصفة حرب، ونحن ولبنان اولى ضحاياها، وتريدون أن أمشي بها؟! الثمن صغير جدا لتفاديها وانا أدفعه طالما هو عقوبات على شخصي – وهذا أرخص شيء! هذه العقوبات لم تطل غيري، وانا أحملها ولا مشكلة. هذه العقوبة لمصلحة من وضعها، وغدا تختفي عندما تصبح مصلحة اميركا الدولة اكبر من مصلحة من وضعها لمصلحته.

5 – العلاقة مع الحزب:

نحن لا يمكن أن نطعن أي لبناني لصالح أجنبي، هذا مبدأ سياسي في التيار لا يمكن أن نخلّ فيه تجاه أحد، وأنا قلت في 13 تشرين الماضي، لأنني كنت أعرف الى أين سنصل: «عزل أي مكون لبناني، لن نمشي به ولو كلفنا غاليا… لا ينفع معنا، لا طياراتكم، ولا تهديداتكم ولا عقوباتكم».

أريد أن أقول أكثر، نحن لا نطعن بأي حليف أو صديق أو أحد تفاهمنا معه لصالح أحد في الداخل. لا المستقبل غدرناهم ولا القوات خنّاهم، ونتكلم بالموضوع في الوقت المحدد، فلا يمكن أن نطعن حزب الله.

نحن لا نترك الناس من دون سبب، وأكيد ليس حزب الله لأن نحن نتعاطى مع بعضنا بصدق واخلاق. لا نترك بضغط خارجي! اذا أردنا أن نترك فلأسباب داخلية تتعلق فينا وفي مصلحة البلد.

على كل حال كنا عبرنا سابقا أن البلد يحتاج الى إصلاح حقيقي ولا يمكننا أن نكمل هكذا. واتفقنا مؤخرا على إجراء مراجعة وإعادة نظر في وثيقة التفاهم كي نطورها لنقدم شيئا لجمهورنا وللناس المتأملة فينا الخير للبلد”.

وأضاف: “بالخلاصة الاساسية، نحن نختلف مع اميركا على أمور عدة غير حزب الله، وعقابنا على هذه الخلافات كان بأنها استمرت باتباع سياسة معاكسة لمصلحة لبنان لا بل مدمرة لكيانه ومزيلة لوجوده. هذه الخلافات هي على موضوع عودة النازحين السوريين، وموضوع توطين اللاجئين الفلسطينيين وصفقة القرن، ومسألة حقوقنا مع اسرائيل بالأرض والحدود والموارد ومسألة العدل والسلام مع اسرائيل، ومسألة الارهاب.

اما في مسألة حزب الله، فلأن هناك مصلحة اسرائيل، أدى الاختلاف عن غير حق الى فرض عقوبات غير قانونية ومبنية على افتراءات.

بول فاليري يقول: «نقطة ضعف القوة هي انها لا تؤمن الا بالقوة». اميركا تستطيع أن تعاقبني ولكنها لا تأخذ مني وطنيتي وكرامتي.

اعرف ان اميركا عملاقة ونحن صغار، ولكن راجعوا تاريخ الشعوب المقاومة، فمستحيل هزيمة شعب مقاوم مهما كان صغره. انتم كبار ونحن صغار، صح، ولكن عندما يُطلب منا التنازل عن حقوقنا ووجودنا لا يمكن الا ان نقاوم لآخر نفس.

نحن نختلف مع حزب الله حول أمور اساسية وعقائدية، مثل السلام في المنطقة ووجود اسرائيل. لم نر ايران تضع علينا عقوبات، ولا رأينا حزب الله يقمعنا برغم أنني قلت أمامهم في كنيسة مار مخايل في ذكرى وثيقة التفاهم بشباط 2019 على اثر موقفي من امن اسرائيل على قناة الميادين، قلت: على الحزب ان يفهم ان التيار لا يملك الفكر نفسه والخطاب نفسه عن حزب الله، وحقيقة فكرنا ان لبنان دولة مدنية، لا اسلامية ولا مسيحية، دولة تحب أن تعيش باستقرار داخلي قائم على التوافق وسلام خارجي قائم على الحقوق والعدالة والقانون الدولي.

لبنان يريد السلام لا الحرب. السلام يقوم على اساس المبادرة العربية وعلى الحقوق المتبادلة: للعرب الحق بالأرض، ولفلسطين الحق بالدولة ولإسرائيل الحق بالأمن (هذا 1701 وهذا ما نعيشه على الحدود منذ 2006). هذا خلاف كبير، يهاجمني فيه جمهورهم على وسائل التواصل الاجتماعي ولكن لا يقمعني الحزب وتؤدبني ايران بل يقولون نحترم خلافاتنا. اما اميركا فتعاقبني كفاسد ومجرم وارهابي!

انا لست ارهابيا، وليس في تاريخ التيار الا محاربة الارهاب. وانا لست فاسدا، ولا دولار واحد عمولة او رشوة في تاريخي، ومن أين لكم الحق انتم لتحاكموني بالفساد وانت تدعمون كل الفاسدين؟ وأنا لست مجرم حرب كغيري من الناس ولم أتسبب بمقتل انسان واحد او بهدر نقطة دم. انا اختلف مع هذه الادارة بالسياسة.

منذ فترة اتصل بي دايفيد هيل وكنت في اميركا اللاتينية وطلب مني، عندما اعادوا الحوار مع كوبا، بأن أعلن موقفا مؤيدا كوني كنت دائما اكلمه عن وجوب اعتماد سياسة الانفتاح بدل العزل والعقوبات. فقدمت محاضرة في جامعة سنتياغو في تشيلي بهذا الموضوع.

الادارة الحالية غيرت سياستها وعادت للعقوبات والغت الاتفاق النووي، الا يحق لنا ان نقول انها مخطئة خصوصا ان الادارة التي قبلها والآتية بعدها تقول انها مخطئة؟ يصبح عندها ارهابيا ومعتديا على حقوق الانسان وفاسدا؟

هل انا من كان مسؤولا عن السياسة المالية في لبنان منذ الـ90؟ هل أنا من قام بالهندسات المالية؟ هل أنا من حدد سعر الكهرباء على أساس برميل بترول بـ24 دولارا وقرر دعم الكهرباء من خزينة الدولة وانا من اوقف بناء المعامل واوقف دفع المال للمتعهدين لبنائها؟ هل انا من اخذ 500 دولار على خط خليوي، او انا جريمتي انني خفضت سعر الخليوي وزدت واردات الخزينة؟ هل أنا من وزع الباسبورات الدبلوماسية والقناصل الفخريين مقابل الأموال أو أنا من اوقفها بحسب المرسوم؟ هل انا من عمر القصور واشترى الطائرات واليخوت؟

في النهاية نحن من لوّثنا البحر!!! عيب! هذه اميركا، تنتهي القصة في أيادي بعض الكتبة الحاقدين! مئات ملايين الدولارات صرفت لخلق حالة شعبية واعلامية مناوئة، ولم تستطيعوا الاثبات بملف واحد مثبت؟ فقط اتهامات معممة!”

وقال باسيل: “أنا ضد التوطين والنازحين، وليس لدي طائرة ولا قصر ولا يخت ولا حساب في الخارج، أأكون فاسدا؟ وحلفاؤكم لأنهم مع التوطين والنازحين وقاموا بكل الفساد بيطلعوا أوادم؟

أنتم قلتم ستلاحقون كل الفاسدين، أظهروا لنا ذلك، أكشفوا الحسابات والتحويلات وانشروها وهي كلها بامتلاككم، إظهروا لنا عدالتكم ومساعدتكم للبنان، إفتحوا ملفاتكم، وارسلوا براهينكم.

أنا مستعد لأي مواجهة، أعطوني واقعة واحدة وإثبات واحد، سموا شركة واحدة من شركات الواجهة التي تحدثتم عنها وحددوا حسابا مصرفيا واحدا.

على كل حال، حررتموني، الظلم يكبّر النفس الحرة والأبية، وأنا اليوم أكثر حرية وعزة، وإلى اللقاء للعمل مجددا مع أميركا، مع رئيس جديد وإدارة جديدة ومع نفس جديد، ولنحارب الارهاب فعليّا ونبني السلام العادل ونعيد الحقوق لأصحابها ليكون الانماء والازدهار والانفتاح بدل التخلف والفقر والانغلاق”.

وتطرق الى الموضوع الحكومي، فقال: “العقوبات يجب أن تكون سببا للتسريع بتأليف الحكومة. إذا كانت النوايا من الخارج تعطيلا أو تخريبا فيجب أن يكون ردنا بالتشدد بوجه من يعتدي علينا، وليس التشدد بوجه بعضنا البعض في تسيير أمورنا وإنقاذ بلدنا، إلا إذا أراد أحد أن يستكمل لعبة الخارج من الداخل، ويسعى لاستهدافنا من دون غيرنا، ويسعى لتحجيمنا أو لإقصائنا دون غيرنا. فهذا أمر لن نسكت عنه أبدا”.

أضاف: ” نحن من البداية قلنا أننا مع التسهيل والاسراع بتأليف الحكومة، ولم نضع أي شرط ولم نتمسك بحقيبة وتركنا حتى مشاركتنا بالحكومة أو عدمها وشكل المشاركة مفتوحة، وما طالبنا به هو اعتماد معايير واحدة للتأليف من أجل الاسراع، لأن غير ذلك يؤخر ويعرقل وهذا ما علمتنا إياه التجربة. ونحن لم نتكلم إلا عن حكومة منتجة وفاعلة ومتخصصة وقادرة على تنفيذ البرنامج الاصلاحي بالمبادرة الفرنسية وعلى وقف الانهيار.

والحقيقة أننا، وبقرار منا، لم نتدخل أو نتعاط أو نتواصل مع أحد وتركنا الأمور لرئيس الجهورية ورئيس الحكومة لوضع مبادئ ومعايير واضحة للتأليف لنحدد على أساسها موقفنا من الحكومة، بالمشاركة أو عدمها أو بكيفية المشاركة، وبإعطائها الثقة أو عدمها، وبميثاقيتها أو عدمها لأن التأليف يختلف عن التكليف، وبالرغم من اتهامنا زورا بالتعطيل، سكتنا حتى الآن لاعطاء أكبر فرصة ومجال ممكن من الايجابية مع إحساسنا، لكي لا أقول علمنا، بأن النوايا ليست كما يجب. ولكن تساهلنا وتسهيلنا لا يصل الى درجة لا نستطيع فيها أن نسأل أو نعطي رأينا أو يتكلم معنا أحد، فهذا إرهاب سياسي وهذا إلغاء للذات إذا قبلنا به”.

وأكد أنه “لن تكون هناك عودة الى الماضي ومفرداته، مجرد استعمالي لهذه الكلمات هو مؤشر خطر لإستطياب البعض العودة الى تلك الأيام، أو تخيله أن وضع البلد المنهار والمبادرة الفرنسية يوفران له غطاء للعودة الى ما قبل الـ2005، أيصدّق أحد أنه لوحده يسمي كل وزراء الحكومة، أو كل الوزراء المسيحيين بإسم الاختصاص وبالتبرير بالوضع الاقتصادي المنهار وبالرهان على العقوبات؟” مضيفا “نبهنا من فترة ببيان للتيار من ربط تأليف الحكومة بأحداث الخارج ورهانات عليها، للاسراع بتأليف الحكومة ووقف إضاعة الوقت والاتكال على الضغط الاعلامي لتمرير ما لا يمكن تمريره”.

وشدد على أن “ركائز أي حكومة تقوم على 3 أمور يجب تحديد معايير واضحة لكل واحدة منها، وتتألف الحكومة بيومين، والركائز هي:

  • عدد الوزراء: لا يجوز جمع وزير بحقيبتين، وإلا يكون هذا الامر ضربا لمبدأ الاختصاص، ومشروع فشل لكل وزير حامل حقيبتين، والاصرار على هذا الأمر، من دون منطق يخبئ استهدافا سياسيا لأفرقاء وطوائف لتحجيمها في الحكومة.
  • توزيع الحقائب والاعداد على الطوائف والكتل: من السهل اعتماد معايير لتحديد كيفية توزيع الحقائب على أساس حجمها على الطوائف والكتل، وهذا تمرين صار معروفا. أما القول بالمداورة لكل الحقائب ما عدا المال، فهذا اعتراف بتثبيت حقيبة المال الى الطائفة الشيعية، يجب إبقاء بعض الحقائب دون مداورة ولا أعني أي واحدة بالتحديد، والا المداورة للجميع كما هو موقفنا، أو مداورة جزئية لعدم الاعتراف بالتثبيت.
  • التسمية: يجب اعتماد آلية واحدة لتسمية الوزراء، من اختصاصيين طبعا. ولكن لا أحد يحتكر وحده تسمية الاختصاصيين وكأنه وحده يعرفهم أو يملكهم. كل طرف يسمي وزراءه ويوافق عليهم رئيس الجمهورية والحكومة وهذا هو المنطق، وأي آلية أخرى يجب أن تكون واحدة على الجميع. إذا لم يتم اعتماد معايير واضحة وموحدة، فالحكومة ستتأخر ومن يؤخرها هو من يضع معايير استنسابية ويخبئها بوعود متناقضة بهدف واحد هو تكبير حصته فقط. هذا الامر إضاعة للوقت لمصلحة الانهيار، وتضييع للمبادرة الفرنسية كما أضاعوا حكومة مصطفى أديب”.

وتوجه الى التيار بالقول: “أريد أن أشكر كل من تضامن معي ببيان أو باتصال أو بتحرك، وشعرت مرة جديدة بعاطفة كبيرة من الناس والتيار، وأطلب من التيار أن يبقى على مستوى المسؤولية والانضباط، وعدم التوجه بأي تحرك الى السفارة الاميركية وأن ننجح بمنع وضبط أي تحرك كما البارحة، ولا نتخلى عن صداقتنا مع شعوب بسبب أخطاء ترتكب وتذهب. لا تعطوا هذه العقوبات أكثر من حجمها – كنت قادرا على استغلال تهديدنا لفك التفاهم مع الحزب وأزيد شعبية التيار وأحسّن العلاقة مع الغرب والخليج، وأمنع أذية شخصية عني، مادية ومعنوية، ولكن ماذا يحل بلبنان؟”.

أضاف: “نعم نحن استطعنا أن ندفع ونضحي دائما من أجل لبنان، لأننا عندما دخلنا معترك الحياة العامة، دخلناه مع إرادة صلبة ومع مبدئية ووطنية لا نتنازل عنهما. ولن ننجر وراء الافكار التخريبية، ولن نسمح باستخدام العقوبات ضدي لعرقلة أي مشروع لإمكانية النهوض بالبلد، وسنحاول دائما أن نبني الجسور مع اللبنانيين وجسورا للبنان مع الخارج، ولن نقطعها بكيدية أو لمصالح خاصة. نحن لا نهرب ولا ننكفئ ولا نموت سياسيا”.

وختم باسيل: أقول لكل المنتظرين والحالمين والمتآمرين: من حاول دفننا لا يعرف أننا بذور، نقوم من تحت التراب ونزهر ونعطي، لأننا أولاد هذه الارض وسنبقى مزروعين فيها ولن نرحل، «طمرتونا، قلعتونا، عطشتونا» مهما فعلتم فينا نعود ونفرخ من تحت الأرض ونعيش ونعطي بلدنا”.


Spread the love

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *